مسألة:
ومما كانت الإمامية منفردة به: أن جلود الميتة من جميع الحيوان لا تطهر بالدباغ، وقد وردت لهم رواية ضعيفة بجواز اتخاذ جلود الميتة ما لم تكن كلبا أو خنزيرا بعد الدباع آنية، وإن كانت الصلاة فيها لا تجوز والمعمول على الأول وخالف الشيعة جميع الفقهاء إلا أحمد بن حنبل فقد حكي عنه أن الميتة لا تطهر بالدباغ.
دليلنا بعد الاجماع المتردد قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة، والتحريم يجب أن يتناول كل بعض من أبعاض الميتة حلته الحياة ثم فارقته، والجلد بهذه الصفة بعد الدباع وقبله فيجب أن يحرم الانتفاع به بعد الدباع لأن اسم الميتة يتناوله.
ومما يجوز أن يذكر على سبيل المعارضة لهم ما رووه وسطروه في كتبهم عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، وعموم هذا الخبر يقتضي تحريم الانتفاع بها بعد الدباع. وقول بعضهم: إن اسم الإهاب يختص بالجلد قبل الدباع ولا يستحقه بعده، غلط مفحش لأن الإهاب اسم للجلد في الحالين وغير مختص بأحدهما.
ولو جاز أن يدعى في الإهاب اختصاص جاز أن يدعى في الجلد مثل ذلك، فإن اعترضوا بما يروونه عن النبي ص وقد سئل عن جلود الميتة فقال عليه وآله السلام: دباغها طهورها. وفي خبر آخر أيما إهاب دبغ فقد طهر، كان جوابنا أن هذه أخبار آحاد لا يعمل بها في الشريعة، ثم بإزائها ما رويتموه عن النبي ص من النهي عن ذلك، وما رويناه من الأخبار التي لا تحصى في هذا المعنى، ولو لم يبطل هذين الخبرين إلا ظاهر القرآن لكفى، وقد يجوز أن يحمل الخبران على الخصوص وأن يريد بقوله عليه وآله السلام أيما إهاب دبغ فقد طهر: المذكي دون الميت.