أيضا على مذهب القائلين بالإرجاء لأنهم يعتقدون أن جميع المعاصي كبائر، وأنه يستحق العذاب على كل شئ منها، ومن ذهب إلى هذا المذهب لا ينفي اسم الكبيرة عن شئ من المعاصي، وإنما يقول على سبيل الإضافة: هذه المعصية أصغر من تلك، فأما مع الإفراد بالذكر فالكل عنده كبائر.
وأما الخبر الأخير الذي تعلقوا به فكلامنا عليه كالكلام في الخبر الذي تقدمه بلا فصل فلا معنى لإعادته.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: أنه يجوز لبس الثوب الحرير إذا كان في خلاله شئ من القطن أو الكتان وإن لم يكن غالبا، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى جواز لبس الحرير إذا كان سداه أو اللحمة من القطن أو الكتان ولم يجزه إذا كان اللحمة أكثر، وحكى الطحاوي عن الشافعي أنه أباح لبس قباء محشو بقز، قال: لأن القز باطن والذي يدل على صحة مذهبنا بعد الاجماع المتردد أن النبي ص إنما نهى عن لبس الحرير، وهذا الاسم إنما يتناول ما كان محضا دون ما اختلط بغيره، والثوب الذي فيه قطن أو كتان ليس بحرير محض، فجاز لبسه والصلاة فيه.
وإذا ذهبوا إلى أن الثوب الذي لحمته قطن وسداه حرير يجوز لبسه لأنه ليس بحرير محض فكذلك ما كان بعضه قطنا وإن لم يكن جميع اللحمة.
فإن قيل: هذا يقتضي أنه لو كان في الثوب خيط واحد من قطن أو كتان جاز لبسه.
قلنا: ظاهر النهي عن لبس الحرير المحض يقتضي ذلك إلا أن يمنع منه مانع غيره، والأولى أن يكون الخيط أو الخيطان غير معتد بهما ولا أثر لمثلهما، فأما إذا كان معتدا بمثله مثل أن يكون له نسبة إلى الثوب كخمس أو سدس أو عشر فإنه يخرجه من أن يكون محضا.
والعجب كله من قول الشافعي: في حشو القباء الحرير المحض الذي يتناوله بلا شبهة نهى النبي ص وأي تأثير لكون الحشو باطنا غير ظاهر أو لا يرى أنه بطانة الجبة إذا كانت حريرا محضا لم يجز لبسها، وإن كانت البطانة لا تظهر للعين كظهور الظهارة.
هذا بعد شديد.