وإذا أخذ الكلب المعلم صيدا فأدركه صاحبه حيا وجب أن يذكيه، فإن لم يكن معه ما يذكيه به فليتركه حتى يقتله ثم ليأكل إن شاء.
هكذا أورده شيخنا في نهايته، والأولى عندي أنه يجب عليه أن يذكيه، فإن لم يكن معه ما يذكيه به فلا يحل أكله إذا قتله الكلب بعد ذلك، لأنه ليس بصيد الكلب بعد القدرة عليه لأنه غير ممتنع بل هو مقدور عليه فهو بمنزلة الغنم.
إذا لم يكن مع الانسان ما يذكيه ويذبحه به ومعه كلب فلا يجوز له أن يدع الكلب يذبحه بلا خلاف، لأنه ليس بصيد.
هذا الذي تقتضيه أصول المذهب، وإنما أورد هذا الخبر شيخنا إيرادا لا اعتقادا كما أورد أمثاله مما لا يعمل عليه في هذا الكتاب.
وإذا انفلت كلب فصاد من غير أن يرسله صاحبه وسمى لم يجز أكل ما يقتله، ومن نسي التسمية عند إرسال الكلب وكان معتقدا لوجوب ذلك جاز أكل ما يقتله، يسمي غير الذي يرسل الكلب، فإن أرسل واحد الكلب وسمى غيره لم يجز أكل ما يقتله ومن شرط أكل ما يقتله الكلب خاصة أن لا يغيب عن العين فإذا غاب عين العين ثم وجد مقتولا لم يجز أكل ما قتله.
هكذا أورده شيخنا في نهايته، والذي تقتضيه الأدلة أن يقال: هذا يكون إذا عقره عقرا لم يصيره في حكم المذبوح، فأما إذا عقرا يصيره في حكم المذبوح، بأن أخرج حشوته أو فلق قلبه أو قطع الحلقوم والمرئ والودجين، ثم غاب عن العين بعد ذلك فإنه يحل أكله، وإلى هذا التحرير والتفصيل يذهب رحمه الله في مسائل خلافه.
فأما السهم فإن غاب عن العين وكان قد جعله السهم في حكم المذبوح، بأن قطع الحلقوم والمرئ والودجين وجميع الرقبة ما خلا الجلد أو أبان السهم حشوته - بكسر الحاء يعني جميع ما في بطنه - وما أشبه ذلك فلا بأس بأكله، فأما إن كان بخلاف ذلك فلا يجوز أكله لأن في الأول يقطع على أن سهمه القاتل له والثاني لا قطع معه، وبهذا وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار وأصول المذهب أيضا تقتضيه، فإن أصاب الصيد سهم فتدهده من جبل أو وقع في الماء ثم مات فعلى ما فصلناه من الاعتبار.