إذا قتل المحل صيدا في الحل لا جزاء عليه سواء كان منشأه في الحل ولم يدخل الحرم أو دخل إلى الحرم وخرج إلى الحل أو كان منشأه في الحرم فخرج إلى الحل.
وصيد السمك أخذه وإخراجه من الماء حيا وكذلك إن وجده الانسان على الجدد فأخذه حيا، ولا يكفي مشاهدته له دون أخذه ولمسه سواء كان من أخرجه وأخذه مسلما أو كافرا من أي أجناس الكفار كان، لأنه لا يراعى في صيده وجوب التسمية، إلا أن ما يصيده غير المسلم لا يجوز أكله إلا إذا شوهد اخراجه له من الماء حيا سواء مات في يده بعد اخراجه أو أخذه المسلم منه وهو حي.
وذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره لما أورد الأخبار وتأولها لما وردت عامة بأنه: لا بأس بصيد المجوس، إلى أن قال: فالوجه في هذه الأخبار أن نحملها على أنه لا بأس بصيد المجوس إذا أخذه الانسان منهم حيا قبل أن يموت، ولا يقبل قولهم في اخراج السمك من الماء حيا لأنهم لا يؤمنون على ذلك، معتمدا على خبر رواه الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان عن عيسى بن عبد الله قال: سألت أبا عبد الله ع عن صيد المجوس فقال: لا بأس إذا أعطوكه حيا والسمك أيضا وإلا فلا تجز شهادتهم إلا أن تشهده.
قال محمد بن إدريس رحمة الله عليه: وهذا تخصيص منه رحمه الله للعموم بخبر واحد، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا، وأيضا فالخبر الذي خصص به واعتمد عليه هو دليل الخطاب لأنه قال: لا بأس إذا أعطوكه حيا، ولم يقل: إذا شاهدت إخراجهم له حيا وأخذته منه بعد ذلك ميتا لا يجوز أكله، وقد يترك دليل الخطاب لدليل آخر، وإجماعنا منعقد:
أن صيد السمك أخذه وإخراجه من الماء حيا، ولا يراعى فيه وجوب التسمية، والأولى لشيخنا أنه كان يتأول ما شذ من الأخبار على أنه إذا صاده المجوس وجميع الكفار لا يجوز أكله إلا إذا شاهد المسلم اخراج الكافر السمك حيا من الماء سواء مات في يده بعد اخراجه أو أخذه المسلم منه وهو حي، بخلاف صيد المسلم له لأن صيد المسلم يحل سواء شاهد اخراجه أو لم يشاهد ويقبل قوله في ذلك سواء كان محقا أو مبطلا والكفار لا يقبل قولهم في ذلك، كما ذهب إلى هذا القول في نهايته، وهذا وجه صحيح في تأويل الأخبار مستمر على قاعدة النظر وأصل المذهب، وهو الذي يذهب إليه المحصلون من أصحابنا، وهو أنه لا خلاف بينهم قديما