وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا أصاب الصيد سهم فتدهده من جبل أو وقع في قبل أن يسقط أو بعد ما سقط، وقال بعضهم: إذا مات بعد ما سقط لم يحل أكله لأن سقوطه على الأرض قبل موته فقد أعانت السقطة على قتله، فقد مات من مبيح وحاظر فغلبنا حكم الحظر كما لو سقط في الماء، وهذا أليق بمذهبنا، فأما إن سقط عن الإصابة في ماء أو تردى من جبل أو وقع على شجرة فتردى منها إلى الأرض لم يحل أكله لقوله تعالى: والمنخنقة والموقوذة والمتردية، فما وقع في الماء فالماء يخنقه، وما وقع على الجبل ثم تردى فهو المتردية، هذا إذا كان الجرح غير موجئ، فأما إن كان الجرح قاتلا موجئا مثل أن وقع السلاح في حلقه فذبح أو في قلبه أو كبده فقتله حل أكله بكل حال، لأنه صار مذكى فلا يقدح فيه ما وراء ذلك، كما لو ذبح شاة ثم وقعت في الماء فماتت فيه فإنه يحل أكلها، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطه.
وقال شيخنا في نهايته: فإذا طعن الصيد برمح أو ضربه بسيف فقتله ويكون قد سمى جاز له أكله، فإن قده بنصفين ولم يتحرك واحد منهما جاز له أكلهما إذا خرج منهما الدم، وإن تحرك أحد النصفين ولم يتحرك الآخر أكل الذي تحرك ورمى ما لم يتحرك.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: إذا سأل الدم منهما أكلهما جميعا ما يتحرك وما لم يتحرك.
وذهب شيخنا في مسائل خلافه: إذا قطع الصيد بنصفين حل أكل الكل بلا خلاف وإن كان الذي مع الرأس أكثر حل الذي مع الرأس دون الباقي.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: الاعتبار بما مع الرأس إذا لم يكن فيه حياة مستقرة، فإذا كان كذلك حل الجميع، وإن كان الذي مع الرأس فيه حياة مستقرة، فلا يؤكل ما عداه مما أبين منه لأنه أبين من حي وما أبين من حي فهو ميتة، فأما إذا لم يكن فيه حياة مستقرة فما هو مما أبين من حي فيؤكل الجميع، وشيخنا استدل على تحريمه بأنه أبين من حي ولم يفصل ما فصلناه ولا حرر ما حررناه، فليلحظ ما بيناه بعين الانصاف تجده واضحا جليا.
وإن قطع منه قطعة بسيف أو أخذت الحبالة منه ذلك فليرم القطعة وليذك الباقي ويأكله.
وإذا أخذ الصيد جماعة فتناهبوه وتوزعوه قطعة قطعة جاز أكله بشرط أنهم جميعا