وحديثا في أن صيد السمك لا يراعى فيه التسمية بل الحال التي يحل معها أكله أن يخرجه آدمي من الماء حيا أو يأخذه من غير الماء وهو حي، سواء أخذه أو أخرجه مسلم أو كافر من أي أجناس الكفار كان، إلا أن ما يخرجه غير المسلم يراعى فيه المشاهدة له وقد أخذه حيا، ولا يقبل قوله: في أنه أخرجه من الماء حيا، والمسلم يقبل قوله في ذلك سواء كان المسلم محقا أو مبطلا، فهذا فرق ما بين المسلم والكافر، وقد حقق ذلك السيد المرتضى في الناصريات.
فأما من تمسك وذهب إلى تحريم أكل السمك والجراد إذا صادهما الذمي والمسلم غير المحق يعول على أن صيدهما هي ذكاتهما وأن العذر قد انقطع بأن غير المحق لا ذكاة له ولا تؤكل ذبيحته.
فأقول: إن أخذ السمك وإخراجه من الماء حيا ليس بذكاة على الحقيقة وإنما أجري مجرى الذكاة في الحكم لا في وقوع الاسم، وإذا وقع التحريم بتذكية غير المحق وأنه لا ذكاة له، فإنما يدخل في ذلك ما يكون حقيقة من الذبح وفري الأوداج، ومما لا يكون لا يكون حقيقة ويسمى بهذه التسمية جاز أن لا يدخل في الظاهر إلا بدليل، فعلى من ادعى دخول صيد غير المحق السمك والجراد تحت تحريم ذكاة المبطل الدليل.
وقد رجع شيخنا أبو جعفر عما ذكره في استبصاره إلى ما ذهبنا إليه في مبسوطه، وحقق ذلك في نهايته على ما قدمناه وبيناه أولا وحكيناه، قال في مبسوطه: إذا اصطاد السمك من لا يحل ذبيحته كالمجوسي والوثني حل أكله بلا خلاف غير أنا نعتبر أن يشاهده وقد أخرجه حيا ولا يصدق على ذلك لأنه يجوز أن يكون مات في الماء وعندنا لا يجوز أكل ذلك، وكذلك ما اصطاده اليهودي والنصراني من السمك، والفرق بين صيد السمك والذبيحة على مذهبنا:
أن صيد السمك لا يراعى فيه التسمية والذباحة تجب فيها التسمية فلأجل ذلك لم يصح منهما، هذا آخر كلامه رحمه الله فتدبره واعتبره.
وأيضا لو كان صيد السمك ذكاة حقيقة لما قال الرسول عليه وآله السلام لما سئل عن ماء البحر فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته، فأحل ميتته فلو كان صيده ذكاة حقيقة لما أطلق عليه اسم الميتة لأن الحيوان المذكي لا يسمى ميتة في عرف الشرع. ولما قال أمير المؤمنين عليه السلام عند سؤال السائل له عن دم السمك فقال: لا بأس بدمه ما لم يذك، فبان بذلك ما نبهنا.