قال محمد بن إدريس: الذي رواه أصحابنا في تصانيفهم الخالية من فروع المخالفين وقياساتهم ونطقت به أخبار الأئمة ع: أن الاستبراء لا يجب إلا على البائع والمشتري، ولم يذكروا غير البائع والمشتري يجب عليهما الاستبراء، فأما من عداهما لم يروا فيه شيئا، والأصل براءة الذمة من الأمور الشرعية بغير أدلة قاطعة للأعذار والتمسك بقوله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم، وهذه مما ملكت أيماننا إلا ما أخرجه الدليل القاطع من الأمة المشتراة إذا أراد المشتري وطئها وأراد البائع بيعها وكان يطأها وبقي الباقي على حكم الآية والأصل، وإنما هذه فروع أبي حنيفة والشافعي وغيرهما يوردها شيخنا في هذا الكتاب أعني مسائل خلافه ويقوى عنده ما يقوى منها ويتحدث عليه معهم ولأجل هذا كثيرا ما يرجع عن أقواله معهم في غير ذلك الموضع، فالأولى التمسك بأخبار أصحابنا المتواترة وتصانيفهم المجمع عليها الخالية من الفروع.
ومن اشترى من سوق المسلمين عبدا أو أمة فادعيا الحرية لم يلتفت إلى دعواهما إلا ببينة.
وتكره التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم إذا ملكوا حتى يستغنوا عنهن وحد ذلك سبع سنين أو ثمان سنين وليس ذلك بمحظور.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته في الجزء الثاني في باب ابتياع الحيوان: ولا يجوز التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم إذا ملكوا حتى يستغنوا عنهن. ورجع عن ذلك وقال: بما اخترناه في كتاب العتق في نهايته أيضا في الجزء الثاني فإنه قال: ويكره أن يفرق بين الولد وبين أمه وينبغي أن يباعا جميعا وليس ذلك بمحظور. وهذا هو الصحيح من الأقوال لأن الانسان مسلط على ملكه يعمل به ما شاء، وما ورد في ذلك محمول على الكراهة دون الحظر.
ومتى اشترى جارية فأولدها ثم ظهر له أنها كانت مغصوبة لم يكن لبائعها انتزاعها من يد المبتاع وقيمة الولد ومهر أمثالها وأجرة مثلها ما دامت في يده، وللمبتاع الرجوع على البائع بما قبضه من ثمنها وغرمه عن قيمة ولدها وعن أجرتها إن كان لم يحصل له انتفاع واستخدام، وليس له أن يرجع عليه بما غرمه عن وطئها لأنه حصل له بدل منه انتفاع ولذة واستمتاع.
وجملة الأمر وعقد الباب أن كل ما دخل على أنه له بعوض وهو قيمة الرقبة فإنه يرجع به على البائع وهو الثمن، وكل ما دخل على أنه له بغير عوض فإن لم يحصل له في مقابلته نفع وهو