ببيع الأربعة كلاب وشراؤها وأكل ثمنها، وما عداها محرم محظور ثمنه وثمن جلده سواء ذكي أو لم يذك لأنه لا تحله الذكاة سواء كان كلب بر أو بحر، فقد ذكر العلماء أنه ما من شئ في البر إلا ومثله في الماء سواء نسب إلى اسم أو أضيف إليه لأن الكلب اسم جنس يتناول الوجوه كلها والأحوال.
وقال شيخنا في نهايته: والرشى في الأحكام سحت وكذلك ثمن الكلب إلا ما كان سلوقيا للصيد، فاستثنى السلوقي فحسب والأظهر ما ذكرناه لأنه لا خلاف بيننا أن لهذه الكلاب الأربعة ديات وأنه يجب على قاتلها، وشيخنا فقد رجع في هذا الكتاب في مسائل خلافه عما ذكره في نهايته ثم قال في نهايته: وبيع جميع السباع والتصرف فيها والكسب بها محظور إلا بيع الفهود خاصة فإنه لا بأس بالتكسب بها والتجارة فيها لأنها تصلح للصيد. وقد قلنا ما عندنا في السباع وجلودها وهو أنه يجوز بيعها لأخذ جلدها لأن جلود السباع لا خلاف أنها مع الذكاة الشرعية يجوز بيعها وهي طاهرة وبمجرد الذكاة يجوز بيع الجلود بلا خلاف وبانضمام الدباع يصح التصرف فيها في جميع الأشياء من لبس وفرش ودثار وحرز المائعات لأنها طاهرة إلا الصلاة فإنها لا يجوز فيها فحسب، وما عدا الصلاة فلا بأس بالتصرف فيها.
وقال شيخنا في مبسوطه: وما لا يؤكل لحمه مثل الفهد والنمر والفيل وجوارح الطير مثل البزاة والصقور والشواهين والعقبان والأرنب والثعلب وما أشبه ذلك وقد ذكرناه في النهاية فهذا كله يجوز بيعه، وإن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الأسد والذئب وسائر الحشرات من الحيات والعقارب والفأر والخنافس والجعلان والحدأة والنسر والرخمة وبغاث الطير وكذلك الغربان سواء كان أبقع أو أسود. ثم قال رحمه الله: وأما غير الحيوان فعلى ضربين:
أحدهما نجس والآخر طاهر. فالنجس على ضربين: نجس العين ونجس بالمجاورة. فأما نجس العين فلا يجوز بيعه كجلود الميتة قبل الدباع وبعده والخمر والدم والبول والعذرة وسرجين ما لا يؤكل لحمه ولبن ما لا يؤكل لحمه من البهائم. هذا آخر ما ذكر شيخنا في مبسوطه.
قال محمد بن إدريس: الذي ذكره رحمه الله في مبسوطه رجوع منه عما ذكره في نهايته لأن في النهاية حرم بيع جميع السباع إلا الفهود، والصحيح ما ذكره في مبسوطه إلا ما استثناه من الأسد والذئب لأنه جعل ذلك في قسم ما لا ينتفع به، وقد قلنا أنه لا خلاف في الانتفاع بجلد