بمسح رأسه ولا يجعل بين ذلك مهلة إلا لضرورة بانقطاع الماء عنه أو غيره مما يلجئه إلى التفريق، وإن فرق وضوءه لا لضرورة حتى يجف ما تقدم منه استأنف الوضوء من أوله، وإن لم يجف وصله من حيث قطعه، وكذلك إن نسي مسح رأسه ثم ذكره وفي يده بلل من الوضوء فليمسح بذلك عليه وعلى رجليه، وإن نسي مسح رجليه فليمسحهما إذا ذكر ببلل وضوئه من يديه، فإن لم يكن في يديه بلل وكان في لحيته أو حاجبيه أخذ منه ما تندى به أطراف أصابع يده ومسح بها رأسه وظاهر قدميه وإن كان قليلا، فإن ذكر ما نسيه وقد جف وضوؤه ولم يبق من نداوته شئ فليستأنف الوضوء من أوله ليكون مسح رأسه ورجليه بنداوة الوضوء كما قدمناه.
ويجزئ الانسان في مسح رأسه أن يمسح من مقدمه مقدار إصبع يضعها عليه عرضا مع الشعر إلى قصاصه، وإن مسح منه مقدار ثلاثة أصابع مضمومة بالعرض كان قد أسبغ وفعل الأفضل كما ذكرناه، وكذلك يجزئه في مسح رجليه أن يمسح على كل واحدة منهما برأس مسبحته من أصابعهما إلى الكعبين، وإذا مسحهما بكفه كان أفضل. ولا يجوز لأحد أن يجعل موضع المسح من رجليه غسلا ولا يبدل مسح رأسه بغسله كما لا يجوز أن يجعل موضع غسل وجهه ويديه مسحا بل يضع الوضوء مواضعه فيغسل الوجه واليدين ويمسح بالرأس والرجلين ولا يتعدى أمر الله عز وجل إلى خلافه، فإن أحب الانسان أن يغسل رجليه لإزالة أذى عنهما وتنظيفهما أو تبريدهما فليقدم ذلك قبل الوضوء ثم ليتوضأ بعده ويختم وضوئه بمسح رجليه حتى يكون بذلك ممتثلا أمر الله تعالى في ترتيب الوضوء، فإن نسي تنظيف رجليه بالغسل قبل الوضوء أو أخره بسبب من الأسباب فليجعل بينه وبين وضوئه مهلة ويفرق بينهما بزمان - قل أم كثر - ولا يتابع بينه ليفصل الوضوء المأمور به من غيره أن شاء الله.
وليس في مسح الأذنين سنة ولا فضيلة، ومن مسح ظاهر أذنيه وباطنهما في الوضوء فقد أبدع. وغسل الوجه والذراعين في الوضوء مرة مرة فريضة وتثنيته إسباغ وفضيلة وتثليثه تكلف، ومن زاد على ثلاث أبدع وكان مأزورا، ولا يجوز المسح بالرأس في الوضوء أكثر من مرة واحدة وكذلك مسح الرجلين لأنه موضوع على التخفيف، ولا يستأنف للمسح ماءا جديدا بل يستعمل فيه نداوة الوضوء بالغسل على ما قدمناه، ومن أخطأ في الوضوء فقدم