بعد ذلك. لنا ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " أتسمعون أن الله تعالى لا يعذب بدمع العين ولا بحز القلب ولكن يعذب بهذا " (1) وأشار إلى لسانه أو يرحم.
ومن طريق الأصحاب ما رواه الحارث بن يعلى عن أبيه عن جده قال: " قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فستر بثوب وعلي عند طرف الثوب قد وضع خديه على أخيه والناس في المسجد ينتحبون ويبكون " (2). وما رواه محمد بن الحسن الواسطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " أن إبراهيم خليل الرحمن سأل ربه أن يرزقه ابنة تبكيه بعد موته " (3).
ولأن في البكاء تخفيفا من الحزن وتسكينا من اللوعة والأصل جوازه.
مسألة: قال في المبسوط: الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة مكروه إجماعا، وأنكر هذا القول بعض المتأخرين واستدل بأنه اجتماع وتزاور فيكون مستحبا، والجواب أن الاجتماع والتزاور من حيث هو مستحب أما إذا جعل لهذا الوجه واعتقد شرعيته، فإنه يفتقر إلى الدلالة. والشيخ استدل بالإجماع على كراهية إذ لم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك، فاتخاذه مخالفة لسنة السلف، لكن لا يبلغ أن يكون حراما.
ويجوز النياحة على الميت بتعداد فضائله من غير تخط إلى كذب، ولا تظلم ولا تسخط. وذهب كثير من أصحاب الحديث من الجمهور إلى تحريمه، واحتجوا بما روت أم عطية قالت أخذ علينا النبي صلى الله عليه وآله عند البيعة ألا ننوح ولأنه يشبه التظلم والاستعابة والتسخط بقضاء الله.
لنا ما روي أن فاطمة عليها السلام كانت تنوح على النبي صلى الله عليه وآله. روي أنها أخذت قبضة من تراب قبر النبي صلى الله عليه وآله فوضعتها على عينيها وقالت: