وأما قصة لوط عليه السلام فتدل على أن التطهير أمر زائد على كون الطاهر طاهرا، ويؤكد ما قلناه من منع المحدث مس القرآن من طريق الأصحاب ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء، فقال: لا بأس ولا يمس الكتابة " (1) ورواية حريز، عن من أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " يا بني اقرأ المصحف، فقال: لست على وضوء فقال لا تمس الكتابة ومس الورق " (2).
وهذه الأخبار لا تخلو من ضعف، والاستدلال بالآية فيه احتمالات لكن مضمونها مشهور بين الأصحاب فالعمل بها أحوط، ويجوز للمحدث مس ما عدا الكتابة، مثل مس الهامش والورق الخالي من الكتابة، وحمل المصحف وتعليقه على كراهية، وهو مذهب فقهائنا خلافا للشافعي وأحمد.
لنا دلالة الأصل وما تضمنته رواية حريز المذكور.
فروع الأول: " الصبي " يمنع من مس الكتابة، أما هو فلا يتوجه إليه التكليف ولا يتحقق النهي في حقه.
الثاني: وفي المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو تردد: أشبهه الكراهية، لئلا تناله أيدي المشركين، ولا بأس بالجنب والمحدث والحائض أن يمسحوا أحاديث النبي صلى الله عليه وآله تمسكا بالإباحة الأصلية.
الثالث: " المس " هل يختص بباطن الكف أم هو اسم للملاقات؟ الأشبه الثاني مصيرا إلى اللغة.