ووجه ما قالوه: إن يقين الطهارة معارض بيقين الحدث ولا رجحان فيجب الطهارة لعدم اليقين بحصولها، لكن يمكن أن يقال: ينظر إلى حاله قبل تصادم الاحتمالين فإن كان حدثا بنى على الطهارة، لأنه تيقن انتقاله عن تلك الحال إلى الطهارة ولم يعلم تجدد الانتقاض وصار متيقنا للطهارة وشاكا في الحدث، فيبني على الطهارة، وإن كان قبل تصادم الاحتمالين متطهرا بنى على الحدث لعين ما ذكرنا من التنزيل.
فرع لو تيقن أنه تطهر بعد الصبح عن حدث، وتيقن أنه أحدث ولم يعلم السابق، بنى على الحال التي كان عليها، لأنه إن كان قبل ذلك محدثا فقد تيقن الطهارة المزيلة للحدث والحدث بعدها، وتأخر الطهارة مشكوك فيه، وإن كان قبل ذلك متطهرا فقد تيقن أنه نقض تلك الطهارة بالحدث، ثم توضأ، لأن التقدير أن طهارته الثانية عن حدث.
ولو شك في يوم، فلا يدري تطهر وأحدث أم لا؟ بنى على ما قبل ذلك الزمان، فإن كان حدثا فهو باق عليه، أو طهارة فكذلك، لأنه متيقن لما كان عليه وشاك في انتقاضه، وقال في النهاية: يعيد الطهارة. وليس بوجه فإنه لم يبد حجته.
مسألة: ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث أو شك في شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه عن حاله، بنى على الطهارة، وهذا إجماع، ويؤكده ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدرأ غسلت ذراعيك أم لا؟
فأعد عليها وعلى جميع ما شككت فيه، وإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وصرت في حالة أخرى في الصلاة أو غيرها، أو شككت في شئ مما سماه الله عليك وضوئه فلا شئ عليك فيه " (1) ولأن الشك بعد الانصراف لو كان معتبرا لتعذر الانفكاك