المتأخرين بنجاسة من لم يعتقد الحق عدا المستضعف، لنا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يجتنب سؤر أحدهم وكان يشرب من الموضع الذي تشرب منه عايشة بعده، ولم يجتنب علي عليه السلام سؤر أحد من الصحابة مع مباينتهم له، ولا يقال: كان ذلك تقية، لأنه لا يصار إليها إلا مع الدلالة.
وعن علي عليه السلام (أنه سئل أتتوضأ من فضل جماعة المسلمين أحب إليك أو تتوضأ من ركو أبيض محمر؟ فقال: لا، بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى الله الحنيفية السهلة السمحة) (1) ذكره أبو جعفر بن بابويه في كتابه، وعن عيص بن (القاسم)، عن أبي عبد الله عليه السلام (أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يغتسل هو وعايشة من إناء واحد) (2) ولأن النجاسة حكم مستفاد من الشرع فيقف على الدلالة.
أما الخوارج: فيقدحون في علي عليه السلام، وقد علم من الدين تحريم ذلك فهم بهذا الاعتبار داخلون في الكفر لخروجهم عن الإجماع، وهم المعينون بالنصاب.
وأما الغلاة: فخارجون عن الإسلام وإن انتحلوه، وقال: ابن بابويه (ره) في كتابه لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزنا، والوجه الكراهية. لنا التمسك بالأصل، وربما تعلل المانع بأنه كافر، ونحن نمنع ذلك، ونطالبه بدليل دعواه، ولو ادعى الإجماع كما ادعاه بعض الأصحاب كانت المطالبة باقية، فإنا لا نعلم ما ادعاه.
الفرع الثالث: يكره سؤر ما أكل الجيف من الطير إذا خلا موقع الملاقاة من النجاسة، ولا يحرم، وبه قال علم الهدى في المصباح، واستثنى الشيخ ذلك من المباح في النهاية والمبسوط. لنا الإذن في استعمال سؤر الطيور والسباع، يدل على ذلك: أنها لا تنفك عن ذلك عادة، وفي مسائل عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام (عما يشرب منه صقر أو عقاب، فقال: كل شئ من الطيور تتوضأ مما يشرب منه إلا