غيره، لما رواه علي بن أبي جمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا بأس بفضل الحمام والدجاجة، والطير) (1) وما رواه عمار عنه عليه السلام قال: (كل الطيور يتوضأ بماء يشرب منه، إلا أن يرى في منقاره دما) (2) لا يقال: علي بن حمزة واقفي، وعمار فطحي، فلا يعمل بروايتهما لأنا نقول: الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب، وانضمام القرينة، لأنه لولا ذلك، لمنع العقل من العمل بخبر الثقة، إذ لا وثوق بقوله، وهذا المعنى، موجود هنا، فإن الأصحاب عملوا برواية هؤلاء كما عملوا هناك، ولو قيل: فقد رد رواية كل واحد منهما في بعض المواضع، قلنا: كما ردوا رواية الثقة في بعض المواضع متعللين بأنه خبر واحد، وإلا فاعتبر كتب الأصحاب فإنك تراها مملؤة من رواية علي المذكور، وعمار، على أنا لم نر من فقهائنا من رد هاتين الروايتين، بل عمل المفتين منهم بمضمونها.
ويؤيدهما أن مقتضى الدليل الطهارة، وإنما يصار إلى النجاسة لدلالة الشرع وحيث لا دلالة فلا تنجيس. واستدل (الشيخ) في التهذيب على نجاسة سؤر ما لا يؤكل لحمه، برواية عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كل ما يؤكل لحمه فلا بأس بسؤره) (3) قال: هذا يدل على أن ما لا يؤكل لحمه لا يجوز الوضوء بسؤره ولا يشرب منه، والجواب الطعن بضعف السند، ووجود المعارض السليم، فإن الراوي له أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار، والجماعة فطحية فلا يترك لأجله رواية الفضل، وبأن دلالته على موضع النزاع بدليل الخطاب وهو متروك عند المحققين.