فيجف وضوئي، فقال: أعد ". (1) واحتج من لم يشترط التتابع: بأن الأمر بغسل الأعضاء مطلق، والمطلق لا إشعار له بالموالاة، وجوابه: كما لا إشعار له بالموالاة فلا إشعار له بإسقاطها، لكن علم وجوب الموالاة بما ذكرناه من الدلالة السليمة عن المعارض، والموالاة هي أن لا يؤخر بعض الأعضاء عن بعض بمقدار ما يجف ما تقدمه، وهو اختيار الشيخ وعلم الهدى في شرح الرسالة.
وقال الشيخ في مسائل الخلاف: هي أن تتابع بين غسل الأعضاء ولا يفرق إلا لعذر. كذا قال علم الهدى في المصباح. وقال الشيخ في المبسوط: الموالاة واجبة وهي أن تتابع بين الأعضاء فإن خالف لم يجزه، والوجه وجوب المتابعة مع الاختيار لأن الأوامر المطلقة يقتضي الفور.
ولما رواه الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " اتبع وضوئك بعضه بعضا " (2) لكن لو أخل بالمتابعة اختيارا لم يبطل الوضوء إلا مع جفاف الأعضاء، لأنه يتحقق الامتثال مع الإخلال بالمتابعة في غسل المغسول ومسح الممسوح، فلا يكون قادحا في الصحة، وإن فرق لعذر فالصواب أنه لا يجب إعادة الوضوء إلا أن يجف جميع ما تقدم من ماء الأعضاء في الهواء المعتدل، لا العضو السابق على العضو المفرق، خلافا لما فسره علم الهدى في المصباح.
ويدل على ذلك الاتفاق على أن الناسي للمسح يأخذ من شعر لحيته وأجفانه وإن لم يبق في يده نداوة، ويؤيده رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " وإذا عرضت لك حاجة حتى يبس وضوءك فأعد، فإن الوضوء لا يتبعض " وروى (3)