يدفعه إلى هذا العمل ، وما لم تقتلع جذور هذه الحالة النفسية العارضة لا يمكن معالجة الكذب.
الخوف، الضعف، العجز، الإحساس بالحقارة، عقد الحقارة، أو بعض الحالات النفسية المشابهة لذلك، تستطيع أن تنحرف بالإنسان عن الطريق المستقيم المتمثل في الصدق، وتبعثه على الكذب. «عن النبي صلى الله عليه وآله: لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه» (1).
الضعف والظلم:
الكذب أحد أنواع الظلم، والظلم من الناحية النفسية معلول لضعف الظالم. إن الشخص الذي يهرق الدماء البريئة، والذي يظلم الناس بسبهم وشتمهم، والذي يتجاوز على أموال الناس، وبصورة موجزة كل من يمد يدا للجور والظلم فلا شك في أن ذلك للنقص الذي في باطنه والضعف الذي يحس به. يقول الإمام السجاد عليه السلام في بعض أدعيته : «وقد علمت أنه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة، وإنما يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف. وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك علوا كبيرا» (2).
الحقارة والكذب:
إن المدين العاجز عن وفاء مبلغ الدين يجلس في البيت ويقول لولده - كذبا - أن يقول للدائن: إن أبي ليس في البيت. والجاهل الذي يحس بالحقارة في مجلس العلماء ويجد نفسه عاجزا عن الدخول في البحث والمناقشة يدعي كذبا أن حالته الصحية لا تساعد على ذلك. والموظف الذي تغيب عن واجبه بلا عذر مشروع يلتجئ إلى الكذب خوفا من العقوبة أو الغرامة فيدعي أن أخاه قد مات وكان مشغولا بتجهيزه... والخلاصة أن الكذابين يلجأون إلى الكذب بسبب الحقارة والعجز اللذين يحسون بهما ليدرأوا التهم عن أنفسهم.