غير قابلة للقياس» (1).
الانتصارات العلمية:
يتميز عصرنا هذا بالإكتشافات العلمية الدقيقة، والتوصل إلى رفع الستار عن الأسرار الكونية المودعة في الطبيعة. فقد فحص العلماء الذرات الصغيرة الأرضية، والاجرام السماوية العظيمة، ووقفوا على حل كثير من الرموز التي كانت مجهولة لدى السابقين.
في المدنية العصرية خرج العلم من مرحلة التصور والتخيل إلى مرحلة التجربة والحسن، وأخذت المختبرات العلمية تجيب عن مواليد الطبيعة بلغة الأرقام المضبوطة.
لقد أحدث العلم الحديث انقلابا عظيما في جميع شؤون الحياة وأرسى أسس المدنية المعاصرة. فاستطاع الإنسان أن يتغلب بسلاح العلم على الطبيعة ويكشف النقاب عن المجهولات واحدة تلو الأخرى، ويطلع على زوايا الطبيعة المظلمة وأسرارها تدريجيا.
لقد عرف الانسان بسائط هذا العالم ومركباته وعن طريق معرفة العلل والمعلولات استكشف دور كل منها في العالم الحي والميت... لقد عبر الحدود المحرمة للذرة، وفجر نواتها ، واستغل طاقتها الهائلة... وتغلب على مدار جاذبية الأرض وقذف بصواريخه إلى خارج ذلك المدار. انه يفكر في تسخير الأجرام السماوية، ويأمل في أن يأتي اليوم الذي يجد نفسه فيه مسيطرا على الكرات الفلكية بقوة العلم.
هذه الانتصارات جميعها، استطاع الإنسان من إحرازها عن طريق العلم، العلم المستند إلى التجربة، العلم المحسوس، العلم المختبري، العلم الذي يستند إلى المحاسبة والقياس. لقد سيطرت العلوم التجريبية - بفضل التقدم الذي أحرزته - على أفكار الناس وعقولهم، ودعتهم إلى إنشاء الجامعات على أساس هذه العلوم... وشيئا فشيئا قصرت عقول الناس على الحقائق القابلة للقياس، وتركت الحقائق غير القابلة للقياس بيد النسيان