ويسفه الحق» (1) أي أن التكبر عبارة عن غمط حقوق الناس باحتقارهم، وترك الحق لتعارضه مع أهوائه وغايته الشخصية.
في هذا الحديث نجد أن الإمام الصادق عليه السلام يعرف المتكبر بصفتين: إحداهما تحقير الناس، والثانية عدم رؤية الحق والواقع وبالإمكان أن نقول إن عدم رؤية الحق والواقع هو الذي يدفع الشخص المتكبر إلى تحقير الناس لأن الذي ينظر إلى نفسه والآخرين بعين الحقيقة ويحترمها بالانقياد لها، ولا يتجاوز عن حده الواقعي، لا يحتقر الناس على خلاف الحقيقة.
نستنتج مما تقدم أن التكبر ناشئ من الحقارة في نفس المتكبر. إن الشخص الذي لا يشعر بالحقارة والضعة لا يصاب بالتكبر. وبهذا يتضح معنى الحديثين اللذين بدأنا بهما البحث فقد قال الإمام عليه السلام أنه لا يصاب بداء التكبر أحد إلا إذا كان يشعر بالذلة والحقارة في باطنه.
التجبر:
لا يخفى أن الحديث الأول جعل (التجبر) مثل (التكبر) ناشئا من الشعور بالحقارة. فقد قال عليه السلام: «ما من رجل تكبر أو تجبر، إلا لذلة وجدها في نفسه» وهذا من المسائل القطعية في علم النفس ويعترف به جميع العلماء في العالم. إن كل من يستند إلى الظلم، والتجاوز واستغلال السلطة، والجبروت، والطغيان، والاعتداد فلا بد وأنه يشعر في باطنه بالخوف أو الضعف أو القلق... وبصورة موجزة لا بد وأن يكشو نوعا من الحقارة.
«إن كل مظهر من مظاهر حب التغلب والتسلط على الآخرين أمارة على الشعور بعدم الاستقرار الروحي. إن رب العمل الذي بجور على عماله كثيرا فإن ذلك لا يفسر الا بخوف خفي من فقدان القدرة عليهم، وخروجهم على أوامره. إنه يعلم جيدا أن الأثر السلبي لشخصيته وتزمته أكثر من الأثر الإيجابي... هذا القانون