كان الآباء والأمهات يربون أولادهم على أساس الحب والحنان، وإن كانت الأسرة مثالا للرأفة والعطف، وإن كان الأولياء منصفين وعارفين بواجباتهم الشرعية في تربية الأطفال دون أن يلجأوا إلى العصا والضرب الذي يستوجب الدية، فإن الأطفال إذا كسروا نافذة أو قاموا بمخالفة النظام لا يدفعهم ذلك إلى الكذب ولا ينشأون كذابين.
يلاحظ الطفل أن أباه أو أمه قد يغفل فيسكر النافذة ولا يحاسبه أحد على ذلك، إنه يرى أخاه الأكبر لا يتعرض لعقوبة أو توبيخ عندما يسقط كأس من يده فيتحطم ، بينما يجد أنه إذا كسر النافذة أو سقط الكأس من يده يعاقب بشدة ويحاسب حسابا عسيرا، فيثأر لكرامته ويلجأ إلى الكذب للفرار من العقوبة.
اسداء النصيحة للطفل:
عندما يتخلى الأبوان عن التشديد على الطفل ويعتبر انه مثلهما إنسانا يجب أن تصان كرامته، ويصادف أنه يكسر النافذة في أثناء اللعب في الغرفة، فسيبادران إلى اسداء النصح له ويقولان له: الغرفة ليست محلا للعب، حاول أن لا تتكرر منك أمثال هذه الفعلة. بهذا الأسلوب يكون الطفل قد عوقب بمقدار خجله، مضافا إلى أنه لم يكذب...
في حين أن من المحتمل أن لا يتكرر منه هذا العمل بعد ذلك.
هنا قد يتصور السادة المستمعون أننا نريد القول بأن الرقابة التربوية الصحيحة في الأسرة يجب أن تكون على درجة من الدقة بحيث يتربى الطفل على أن لا يكذب حتى مرة واحدة طيلة أيام عمره، ومثل هذا قد يكون مستحيلا بالنسبة إلى الإنسان الاعتيادي.
غير أن الغاية من بحثنا هذا هو أن ننبه الآباء والأمهات الذين يريدون تدريب الطفل على الصدق والاستقامة إلى ضرورة الاهتمام بواجباتهم الشرعية والعلمية في إرساء قواعد الأسرة منذ البداية على أساس الفضيلة والاستقامة حتى يكونوا بهذا الطريق قد أدوا ما عليهم تجاه أطفالهم.