ولمزيد اتضاح هذا الموضوع التربوي الحساس للمستمعين الكرام، ووقوف أولياء الأطفال على تكاليفهم الشرعية والعلمية، فسنخصص بحثنا في هذه المحاضرة بهذا الموضوع، وبيان النتائج الوخيمة للإفراط في المحبة، والأمل وطيد بأن يستمع السادة المحترمون إلى هذه المحاضرة بدقة، وأن يضعوها نصب أعينهم في التطبيق، فيحفظوا الأطفال من التربية السيئة.
إن أول نقطة يجب أن نثيرها في بحثنا هذا هو الجواب على السؤال التالي: متى يجب أن يأخذ الوالدان بالحد الوسط من المحبة تجاه الطفل كيلا ينشأ معجبا بنفسه وأنانيا؟
الكل يعلم أن الغذاء المادي للطفل يبدأ من يوم ولادته. الطفل إنسان حي، وكل موجود حي يحتاج إلى الغذاء للمحافظة على حياته. ولكن كثيرا من الآباء والأمهات لا يعلمون متى يبدأ التطبع على العادات الحسنة أو القبيحة، التي تؤدي إلى السلوك المفضل أو المستهجن، ومتى يؤثر الإفراط في المحبة الباعث إلى نشأة الطفل أنانيا.
اقتباس العادات:
يتصور البعض أن المولود الجديد قطعة من اللحم الحي، يحتاج إلى الغذاء والنوم فقط.
ويجب أن يمر عام كامل على حياته - على أقل تقدير - حتى تستيقظ المشاعر عنده تدريجيا، وعند ذاك يتمكن الآباء والأمهات من الابتداء بتنمية العادات الحسنة في الطفل. وبعبارة أخرى: يظن هؤلاء أن الغذاء المادي للطفل يبدأ من يومه الأول، أما حاجته إلى الغذاء الروحي فإنها تبدأ بعدم عام من ولادته على الأقل.
إن هذا التصور خطأ فاحش. فإن الطفل يستجيب في الأسابيع الأولى من حياته بفضل غرائزه واستعداداته للعادات والمؤثرات، بحيث لو كانت سيئة فإنها تمنع من الانطباع على العادات الحسنة.
«يملك الطفل المتولد حديثا غرائز وانطباعات، ولكنه يفقد