أعظم عامل لاستقرار النفس وقوة الإرادة هو الإتكال على الله... (ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) (1).
.... وهذه سمة فريدة يمتاز بها المنهج التربوي لرسل السماء. إن المناهج العلمية والتطبيقية تستطيع أن تربي الناس على الاعتماد بالنفس... أما المنهج التربوي في الإسلام فإنه بالإضافة إلى تأكيده على قيمة الاعتماد بالنفس، يربى الأفراد على الإيمان بالله والإتكال عليه، وهذا هو من أعظم ميزات المدرسة الإسلامية في التربية.
التشاور والعزم والتوكل:
لا شك في أن الأنبياء كانا رجالا ذوي إرادة قوية، ومعتمدين على أنفسهم، ولكن أساس الطاقات المذهلة التي كانوا يملكونها هو الإتكال على الله. لقد كان يستحيل على موسى بن عمران أن يقارع فرعون بفضل اعتماده على نفسه فقط، وأن يقوم بوحده بهدم تلك الحكومة الظالمة القوية لكن إتكاله على قدرة الله وعظمته هو الذي منحه القدرة على ذلك كله.
وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وآله فإنه كان ذا شخصية روحية صلبة، واستقلال في الإرادة لا يضاهي... ولكن الطاقة التي منحته القوة في ذلك الظرف الأهوج، والدور العصيب، وأعطته الاستقرار والهدوء في أشد المواقف، ومكنته من خوض المعارك العقيدية والسياسية والاجتماعية بكل نجاح... إنما هي الإيمان بالله والإستناد إلى عظمته.
لقد ذكر القرآن الكريم منهج الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، الذي سر نجاحه وتقدمه في عبارة موجزة حيث قال: «وشاورهم في الأمر، فإذا عزت، فتوكل على الله » (2).
لقد ذكرت هذه الآية الكريمة واجب النبي تجاه الناس، وواجبه تجاه نفسه، وواجبه تجاه الله تعالى: