إن الوالدين العاقلين يستعدان في هذه المناسبة للعناية به وعلاجه، فيأتيان بالطبيب ويحضران له ما يناسبه من غذاء ودواء، ويسجلان درجة حرارة الطفل في ساعات الليل والنهار. يكون الأب والأم أمام عيني الطفل الفاحصتين كممرضين يقومان بواجبهما ، ويوحيان إلى الطفل ان حالتنا وحالتك طبيعية إلا أنه حدث أن تمرضت وحرمت لذلك من الركض واللعب وأكل الطعام العادي. إننا ننفذ أوامر الطبيب تجاهك، وبجب أن نطيعه في استعمال الدواء وزرق الإبرة، وستبرأ طبعا بعد أيام قليلة. وعلى فرض أن الأبوين متأثران في الواقع لمرض الطفل، فإنهما يظهران أمامه الوضع الإعتيادي، ولا يسببان إحساس الطفل بتشوشهما واضطرابهما.
أما بعض الآباء والأمهات فإنهم يضطرون ويرتكبون... ويظهرون اضطرابهم الشديد هذا للطفل، ويجلسون عنده ناظرين إليه وآثار التألم بادية عليهم، يبكون، يمسحون بأيديهم على رأسه ويتكلمون معه بتوجع واضطراب، وربما يقبلون وجهه المحموم، ويحنون عليه قدر المستطاع، ويعتبرون مرضه حادثا جللا، ويفهمونه - عمليا - أنهم جميعا فاقدون راحتهم واطمئنانهم، فيترك الأب عمله، وتنسى الأم كل شيء، وتضطرب الأسرة كلها لمرضه.
هذه الأعمال الفارغة التافهة ليس لها أقل تأثير في معالجة المريض، لكنها من الجانب الآخر تفسد أخلاق الطفل وتمنحه الكثير من الأنانية، فيعتقد الطفل بذلك أن له قيمة كبيرة ويقول في نفسه: أنا صاحب هذه الأهمية والمكانة، أنا الذي يسبب مرضي اضطراب العائلة وارتباكها، ويجلب الأنظار نحوي.
إن مرض الطفل يزول، ولكن تبقى هذه النظرة الخاطئة في أعماق فكره، فيتوقع دائما من أبويه وسائر الناس أن يحترموه لدرجة كبيرة، ويعجبه حين أبتلي بصداع أن يضطرب له جميع الناس فضلا عن أفراد أسرته.
تمارض الطفل:
وقد يتمارض كي يلتذ من حنان أبويه ويسكن إلى محبتهما له. وحين