لاذ نطمع فيك لأننا متنعمون بعدلك ومستقرون في بيوتنا بكل أمن واطمئنان... ولا نخاف منك لأننا نجد أنفسنا في أمن من ظلمك، وإن مجيئنا إلى هنا إنما هو لغرض التقدير والشكر.
فقال له عمر بن عبد العزيز: عظني.
قال الصبي: لقد أصيب بعض بالغرور لحم الله عليهم، أصيب آخرون بذلك لمدح الناس إياهم، فاحذر من أن يبعث هذان الأمران الغرور فيك، فتنحرف في تدبير شؤون الدولة.
لقد سر عمر بن عبد العزيز لهذا الكلام كثيرا، وسأل عن عمر الصبي فقيل له: هو ابن اثنتي عشر سنة (1).
الشعور بالاستقلال:
إن التربية العائلية الصحيحة هي التي تستطيع أن تربي الطفل على الاستقلال والاعتماد على النفس، وتقوده نحو التكامل المادي والمعنوي. إن الأطفال الذين نشأوا طفيليين على أثر الأسلوب الفاسد للتربية المتخذ بحقهم، والذين لا يشعرون بالاستقلال الاعتماد على النفس، يرزحون تحت كابوس الحقارة والذلة مدى العمر...
إنهم لا يطمئنون إلى أنفسهم، ولذلك فهم ينتظرون العون والمساعدة من هذا وذاك دائما، وهذا يكشف لنا عن إصابتهم بعقدة الحقارة وتجرعهم نتائجها الوخيمة.
«إن المأساة العظمى هي أنه من بين جميع الأحياء فإن وليد الإنسان يتميز بطول فترة الطفولة. فوليد الحيوانات الأخرى يصل إلى مرحلة البلوغ في خلال بضعة أسابيع أو اشهر، أي أنه يستطيع أن يستغني عن مساعدة الأخرين فيعيش لوحده.
فمثلا على ذلك نجد صغار الكلب أو القط ما إن تمر بضعة أشهر على تولدها تبلغ ، ولا تعود محتاجة إلى أبويها والآخرين في إعداد