«لقد بحث العالمان (سريو) و (كأب گرا) هذه الأمور بصورة مفصلة تحت عنوان (الهذيان في التفسير).
هؤلاء المصابون لا يبدو عليهم الجنون لأول وهلة، لأنهم لم يفقدوا قدرتهم على الاستدلال، وإن الذي يتحدث معهم يتصور أنهم مفكرون ومتعمقون في القضايا ولهذا السبب بعينه فقد كانت هذه الحالات تسمى في السابق ب (الجنون المعقول ). إن إصلاح (الجنون الجزئي) يشير إلى هذه المظاهر. إن الاختلال الأساسي الذي يوجه هذا الميل الروحي عبارة عن حالة نفسية ناشئة من التكبر، بحيث تمنع المصاب من أن يكون حياديا في تحكيمه، فيتهم البعض بدون دليل ما بكونهم عقبة في سبيل تحقيق أهدافه هذا الاختلال الذي يختص بمميزات معينة يشاهد في الحياة الإعتيادية خصوصا في الحياة السياسية، الذي تجد فيها الأحقاد والأهواء والأغراض الشخصية الميدان الوسيع لنشاطها. يكون الميل للسيطرة والتكبر أوضح عند البعض، لأن ضمائر هؤلاء تكون مصابة بنوع من التخدير والشلل، ولذلك فإن كل ما يرغبون في تحقيقه يبدو لهم أنه عين الصواب، ولكنهم ينتقدون سلوك الآخرين بشدة. كل من يخالفهم أو لا يخضع لأعمالهم الطائشة يعتبرونه عدوا يتصورون أنه يؤلمهم كثيرا، في حين أنهم هم الذي يؤلمون الآخرين» (1).
المجنون حق الجنون:
روي جابر بن عبد الله الأنصاري أنه: «مر رسول الله صلى الله عليه وآله برجل مصروع وقد اجتمع عليه الناس ينظرون إليه. فقال (ص): على ما اجتمع هؤلاء:
فقيل له: على مجنون يصرع.