لقد صرح الإمام الصادق عليه السلام في هذا الحديث بأن الحياء إنما يختص بالإنسان وهو مفقود في الحيوانات. وكذلك العلماء المعاصرون فإنهم يعتبرون الحياء من الصفات الخاصة بالإنسان:
«يعتقد مارك توين أن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يستحي أو يشعر بأنه في حاجة إلى الحياء. يقول الدكتور فلاسن أستاذ جامعة روجستر في تأييد هذه النظرية: إن الحياء علامة السلامة، وهو متداول ومألوف عند جميع أفراد البشر حتى أولئك الحفاة العراة. ولذلك فإنه يعتقد بأن ما يبعث على تصاعد الدم في وجه الإنسان هو الشعور الناشئ من إخفاء حقيقة ما» (1).
الأثر الاجتماعي للحياء:
إن الفائدة الاجتماعية لخصلة الحياء عبارة عن منع الإنسان عن ارتكاب الجرائم، وحفظه من التلوث بالذنوب والاعمال المنافية للآداب. إن كل فرد يرغب في أن يكون حرا في إشباع ميوله وأهوائه، حتى يستطيع ممارستها مطلقا من كل قيد أو شرط... لكن هذه الحرية المطلقة لا تتلاءم مع مصلحته وسعادته. ولهذا فإن الأمور المضرة بالمصالح الفردية والاجتماعية ممنوعة على الفرد في التعاليم السماوية، والقوانين الوضعية في العالم أيضا... وعلى الجميع أن يتجنبوها، ويمتنعوا عن ممارستها.
لا بد من وجود قوة تحمي القانون حتى يستطيع من فرض إرادته على الأفراد فيضبطوا ميولهم غير المشروعة، وتنفذ الأساليب المحققة للمصالح المادية والمعنوية... ولا بد من وجود سلطة تضمن اتباع الأفراد وانصياعهم لنصوص القانون وإن كانت مخالفة لمشتهيات أنفسهم، فإن القانون يحتاج إلى من يتعهد بتطبيقه وتنفيذه، ولا يكفي تشريعه لإصلاحه المجتمع... إذ ما لم توجد الضمانات التنفيذية له فلا سبيل إلى التغلب على ميول الأفراد ورغباتهم ومنعهم من متابعة شهواتهم اللامشروعة.