طفولته كان ذا روح مطمئنة ونفس وديعة وكان سلوكه طبيعيا طيلة أدوار حياته. أما الأطفال المحرومون من الحب العائلي وعطف الوالدين فإنهم يملكون أرواحا ملؤها اليأس والتشاؤم ويكونون على شفا جرف من الانحراف.
«الأسرة التي لا يشع فيها نور العطف، والبيت الذي يحرم من روح التفاهم والتسامح يساعدنا على البحث عن كثير من الآلام الروحية والاضرار الاجتماعية.
عندئذ يجب أن يبذل الاهتمام الكافي لحماية القلوب المندحرة ومعالجة الحرمان الذي أصاب أصحابها بصورة معقولة».
«هؤلاء ينشأون على خواطر مرة علقت بأذهانهم من سلوك الوالدين تجاههم منذ الطفولة، وفي الغالب يكونون معرضين للوقوع في شرك اليأس، والتشاؤم، وعدم الانسجام، والنفور، والإنتحار، والإجرام، والأمراض الروحية والعصبية» (1).
حرمان اليتيم من العطف:
إن الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم مصابون بمشكلتين: الأولى هي العوز المادي، والثانية هي الحرمان من العطف. إن الاحتياجات المادية لليتيم تشبع في جميع البلدان بنسب مختلفة، ولكن قلما يصادف أن يعيش اليتيم في أسرة ينعم فيها - بالإضافة إلى إشباع الحاجات المادية - بالعطف والحنان، بحيث يجد رب الأسرة نفسه بمنزلة الأب لذلك الطفل فيراعي عواطفه ويحن عليه كما يحن على أولاده.
تهتم المؤسسات الخيرية في الدول المتمدنة بضمان حياة الأيتام، وتقوم باعداد وسائل الثقافة والتعليم لهم بالإضافة إلى ضمان الطعام والكساء والمأوى.. لكن يبقى هؤلاء محرومين من حنان الوالدين، هذا الحرمان يجر وراءة سلسلة من الآثار والنتائج السيئة التي تظهر تدريجيا في أقوال اليتيم وأفعاله عندما يشب.