هذه البدعة الخائنة كانت قد بعثت بجذورها في قلوب مختلف الطبقات إلى درجة أنها ظلت عالقة بأذيال الناس حتى بعد موت معاوية بسنوات طوال، فقد كان سب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام متمثلا بصورة واجب ديني عندهم.
وعندما تولى عمر بن عبد العزيز زمام الأمر، وجلس على كرسي الخلافة، قام بكل عزم وقوة لاقتلاع جذور هذه الوصمة التأريخية الكبيرة فبدأ - بأسلوب حكيم - يجلب شعور وزرائه وقواده الكبار إلى جانبه وتحمل في سبيل ذلك صعوبة بالغة، ثم أمر جميع ولاته على الأمصار بأن يقاوموا كل حركة تحاول أن تذكر الإمام عليا عليه السلام بسوء، وحثهم على معاقبة من يخالف هذا الأمر... وتوفق بعد جهد طويل إلى استئصال جذور هذه الوصمة من أذيال المجتمع الإسلامي: وبهذا استطاع من أن يكسب شعبية منقطعة النظير، واستمرت الندوات والمجالس تذكره بخير وتمجد فعلته تلك.
تأثير كلام المعلم:
هذا الكفاح المقدس الذي غير وجه الأمة الإسلامية، وحول مجرى السياسة العامة للدولة آنذاك، كان مستندا إلى عزم الخليفة عمر بن عبد العزيز، وهو نفسه يعزو السبب في ذلك إلى أيام طفولته، وإلى كلمة سمعها من أستاذه. والآن إليكم القضية كما يحكيها لنا بنفسه:
«كنت أطلب العلم في المدينة وكنت ملازما لخدمة عبيد الله بن عبد الله ابن عقبة بن مسعود، فبلغه أني أسب عليا عليه السلام كسائر الأمويين. فأتيته يوما وهو يصلي، فأطال الصلاة. فقعدت انتظر فراغه فلما فرغ من صلاته التفت إلي. فقال لي: