إن الإنسان يحب نفسه وما يعود عليه بالنفع قبل كل شيء، وبما أن الوقوف عند العهد والالتزام به قد يتصادم مع المصالح الشخصية والميول النفسية، فإنه يرغب في الخروج على ذلك والفرار من عبء الميثاق. وبالرغم من أن الأفراد يدركون بفطرتهم ضرورة الوفاء بالعهد ويتحدثون عن قيمة ذلك وأهميته، لكنهم في مقام العمل إذا وجدوا منفذا أو قدرة تذرعوا بها لنقض مواثيقهم. يقول الإمام علي عليه السلام: «الحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف» (1).
في عصرنا الحاضر يتحدث القادة والزعماء عن العدالة والحرية، يملأون الإذاعات والصحف بالألفاظ الخلابة والعبارات الجذابة التي تحكي عن الحق والانصاف... اما في مقام العمل فغالبا ما يكون النافذ هو القوة والضغط، في حين أن الاهتمام بالحق والإنصاف أقل. يستغل الزعماء الأقوياء سلطاتهم في أيام الحرب أو الأوقات الاعتيادية ويعتدون على حقوق الشعوب الضعيفة ويثبتون عمليا تخلفهم عن عهودهم التي قطعوها على أنفسهم... أما الشعوب فلضعفها تغضي على الظلم والاضطهاد.
الوفاء بالعهد:
ان من أهم مميزات الرجال الإلهيين أنهم لا يسيئون استغلال سلطاتهم ولا يتجاوزون على حقوق الآخرين مهما كانوا ضعفاء. في صدر الإسلام عندما كانت تزحف جحافل المسلمين لاعلاء راية الحق والحرية ودحض أساس الشرك والالحاد، وعندما كان الفاتحون يفتحون المدن الكبيرة واحدة بعد الأخرى كان شعارهم الوفاء بالعهود والمواثيق. كان الناس في ذلك العصر يدركون أنهم ملتزمون بهذه الخصلة الحميدة، وكانوا مطمئنين إلى عهود المسلمين تجاههم، واثقين إلى أن من المستحيل أن ينقضوا عهودهم مهما كانا يملكون قوة الخروج عليها.
إذا صدر أمان من قبل المسلمين في ساحة الحرب إلى العدو، كان