كل يوم إلى المدرسة وكان عدد الطالبات التي يدرسن معها لا يتجاوز ال 25. كان لها مربية تأخذها إلى المدرسة كل يوم، وتأتي بعدها انتهاء الدرس لأخذها إلى البيت. كانت هذه المربية مكلفة بمراقبة الطفلة في واجباتها ودراستها، وبصورة موجزة كانت مسؤولة عن تربيتها بصورة تامة. في تلك العصور كان الأسلوب المتداول - الذي تعده التربية الحديثة فاشلا تماما - يقضي بأن يصنف الطلاب كل يوم على حسب الدرجات التي حصلوا عليها في الامتحانات التحريرية، وهكذا كان يعين الطالب الأول والثاني والثالث. كان الطفلة بمجرد أن تخرج من الصف حاملة حقيبتها بيدها تقابل بالسؤال الرتيب للمربية التي كانت تقول: (ما هي مرتبتك في الصف )؟ فإن قالت: (الأولى) أو (الثانية) كان الأمر يجري على ما يرام. ولكن صادف مرة أن كانت مرتبتها الثالثة لثلاث مرات على التوالي، وبالرغم من أن الحصول على المرتبة الثالثة بين 25 طالبة أمر مستحسن، فإن المربية لم تكن تفهم ذلك. لقد حاولت أن تهدئ على نفسها في المرة الأولى والثانية، ولكنها في المرة الثالثة لم تستطع أن تتمالك على نفسها، ففي الوقت الذي كانت الطفلة قد تملكتها الحيرة والذهول صاحت بوجهها: ألا ينتهي حصولك على المرتبة الثالثة؟ يجب أن تكوني الأولى غدا هل تسمعين؟ الأولى... يجب أن تصبحي الأولى!
لقد أشغل هذا الأمر الصعب والجاد بال الطفلة طوال اليوم، وفي اليوم الثاني كانت فريسة العب والتفكير، بذلت كل عنايتها ودقتها في أداء واجباتها، كانت العمليات الحسابية التي أجرتها صحيحة، وأجابت على الأسئلة بنجاح، وكانت نتائجها مرضية إلى قبيل الظهر عندما حان درس الاملاء، فقد وقعت لها أربع خطآت في امتحان الاملاء، وأخيرا حازت على المرتبة الثالثة في