ولقد كانت العادة جارية في القبائل العربية قبل ظهور الإسلام بتسمية أولادهم بأسماء الوحوش والجوارح، وقد كانت هذه العادة البذيئة باقية بعد الإسلام أيضا عند بعض القبائل. وفي حديث يسأل أحمد بن هيثم من الإمام الرضا عليه السلام عن سبب ذلك قائلا: «قلت له: لم تسمى العرب أولادهم بكلب وفهد ونمر وما أشبه! ذلك؟ قال : كانت العرب أصحاب حرب وكانت تهول على العدو بأسماء أولادهم» (1).
وبالرغم من أن تلك الأسماء المستهجنة كانت شايعة ومتداولة بينهم، فإنها كانت في بعض الأحيان ذريعة قوية للطعن والتحقير في أصحابها، فكان الواحد يلوم الآخر بسببها. من ذلك القضيتان الآتيتان: - بين معاوية وجارية:
كان أحد رؤساء عشاير الشام يسمى ب (جارية) (2) وكان رجلا قويا صريح اللهجة، وكان يبطن لمعاوية حقدا وعداء، وسمع معاوية بذلك فأراد أن يحتقره أمام ملأ من الناس ويتخذ اسمه وسيلة للاستهزاء به والسخرية منه، وصادف ان التقيا في بعض المجالس فقال له معاوية:
- ما كان أهونك على قومك أن سموك جارية؟
فقل له جارية: وما كان أهونك على قومك إذ سموك معاوية، وهي الأنثى من الكلاب.
قال: اسكت لا أم لك!
قال: لي أم ولدتني. أما والله إن القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا، وإنك لم تهلكنا قسوة، ولم تملكنا عنوة... ولكنه أعطيتنا عهدا وميثاقا، وأعطيناك سمعا وطاعة، فإن وفيت لنا وفينا لك، وإن نزعت إلى غير ذلك فإنا تركنا وراءنا رجالا شدادا وأسنة حدادا.