العبادات والمناجاة مع الله. هناك بعض العبادات والأذكار في صورة صلوات واجبة ومندوبة مشرعة بكيفيات خاصة ، وهناك عبادات غير مقيدة بكيفيات معينة بل تندرج ضمن إطار واسع هو ذكر الله والدعاء. لا بدن الجهر في بعض العبادات تحقيقا لبعض المصالح، وفي قبال ذلك يرد التأكيد على التخفي في عبادات أخرى. قال الإمام الصادق عليه السلام: «قال رسول الله (ص): أعظم العبادات أجرا أخفاها (1)».
فعندما يسدل الليل أستاره ويغط الناس في النوم، ويسود الكون ظلام وسكون، يقوم المؤمنون للتضرع بين يدي الله تعالى... «تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم» (2). العشق الإلهي يلتهب في أعماقهم ويضاء سراج الإيمان في قلوبهم، فينهضون بشوق ورغبة شديدين، ويتوضأون ويتجهون نحو الله تعالى بكل خضوع وخشوع، يستغفرون ربهم، وينيبون اليه، يذرفون الدموع، ويفقدون الوعي، يتذكرون زلاتهم، ويعتذرون إلى الله تعالى، ويعاهدونه على عدم العود إليها، ويستمدون العون منه في جميع أمورهم.
الآثار النفسية للمناجاة:
هذه الحالة النفسية التي طرأ على الرجال الإلهيين في أعماق الليل حقيقة يعجز العلم عن وصفها، ولا يستطيع العقل إدراكها... أما آثارها العظيمة فتبدو من جميع ذرات وجود الرجل... فتقيم ثورة في روحه وجسده، وتسيطر على جميع قواه، وتبعث الطمأنينة إلى قلبه، وتمنحه الشهامة والشجاعة، تكبح غرائزه الثائرة، وتمنعه عن الاجرام والتلوث بالذنب تمنحه روح التضحية والإيثار.. وبصورة موجزة تجعله إنسانا كاملا وتوقظ فيه جميع الفضائل الحميدة والسجايا الخلقية... هذه الحالة المعنوية اللامعة، وهي حقيقة التقوى التي تهدف إليها تعاليم الإسلام القيمة.
«عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (اتقوا