التربية الفاسدة:
إن القواعد التي ذكرناه في محاضرتنا السابقة عن التربية الفاسدة للطفل تعود إلى أحدى هاتين الجهتين. فالإفراط في المحبة، والتزمت التافه والدل والغنج، والإهمال الذي لا يستند إلى مبرر، والإفراط في التشجيع والاستحسان أو للوم والتقريع... كل ذلك يعود إلى جهل المربي، أو تغافله عن تطبيق واجبه بصورة صحيحة بالرغم من علمه بوظائفه. والنتيجة هي نشوء الطفل على التربية الفاسدة.
«تعني التربية الفاسدة ترك الطفل لوحده دون تخطيط منهج لسلوكه وتقسيم لأوقاته. في هذه الحالة يستطيع من الطفل أن يصل إلى ما يريد دون جهد أو صعوبة ، خصوصا إذا كان معتقدا بأنه لا يجازي على أفعاله. إن طفلا كهذا تكون تربيته فاسدة إذا تلقى تشجيعا زائدا على المعتاد، أو قوبل بالدلال لغير سبب، أو تربى في أسرة من دون وجود مشرف عليها، أو كان المشرف متسامحا على الأقل، أو سمح له بإيذاء من حوله أو الاستهزاء من الآخرين من دون مبرر، أو لا يطرق سمعه حديث عن النشاط والعمل، أو ينشأ في أسرة خاملة وحقيرة، أو تسير حياته على عدم الإيمان وحب الكمال، أو يسير من دون هدف ومرشد» (1).
تترك التربية الفاسدة آثارا سيئة في جسم الطفل وروحه، وقد تستمر تلك الآثار حتى نهاية العمر تؤلم صاحبها وتقض عليه مضجعه. وكما سبق شرحه في المحاضرات السابقة فإن من الآثار السيئة للتربية الفاسدة ظهور عقدة الحقارة. إن المصابين بهذه الحالة النفسية، والذين يشعرون بنوع من الحقارة والضعة في أنفسهم قلقون ومضطربون دائما، وتلاقي ضمائرهم الأمرين من العذاب والتأنيب الداخلي.