في ذلك المجلس. ثم حضر هو وعلي عليه السلام وجلسا في وسط الأنصار. ثم قال النبي (ص) لهم: أريد أن أسألكم عن بعض الأمور فأجيبوني عليها.
قال الأنصار: سل يا رسول الله.
قال لهم: ألم تكونوا في ضلال مبين، وهداكم الله بواسطتي؟!
قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: ألم تكونوا على شفا حفرة من الهلاك والدمار، والله أنقذكم بي؟
قالوا: نعم.
قال: ألم يكن بعضكم عدو بعض، فألف الله بين قلوبكم على يدي؟
قالوا: نعم.
فسكت لحظة، ثم قال لهم: لماذا لا تجيبونني بأعمالكم؟
قالوا: ما نقول؟
قال: أما لو شئتم لقلتم: وأنت قد كنت جئتنا طريدا فآويناك، وجئتنا خائفا فآمناك، وجئتنا مكذبا فصدقناك...
هذه الكلمات الصادرة من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أفهمت الأنصار أنه لا ينكر فضلهم ولا ينسى جهودهم، ولم يكن ما صدر منه تجاههم صادرا عن احتقار أو إهانة... ولذلك فقد أثر فيهم هذا الكلام تأثيرا بالغا وارتفعت أصواتهم بالبكاء.
ثم قالوا له: هذه أموالنا بين يديك، فإن شئت فاقسمها على قومك. وبهذا أظهروا ندمهم على غضبهم واستغفروه. فقال النبي (ص): اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار (1).
رعاية العواطف:
من هذا الحديث ندرك مدى اهتمام قادة الاسلام برعاية عواطف الناس، وعدم جرح شعورهم. وفي حديث آخر مشابه: أتى النبي بشيء فقسمه، فلم يسع أهل الصفة جميعا، فخص به أناسا منهم. فخاف رسول الله أن يكون قد