«ينشأ الطفل الأكبر في بعض الأسر مدللا، تبعث حركاته وسكناته، ابتسامته وكلماته، السرور والارتياح في قلب والديه الشابين ويتلقيان كل ذلك على أنها وقائع غير مترقبة، ذات تأثير خاص، ويجب أن تعتبر نموذجا وقدوة للأسرة. إن الطفل الذي يراقب هذه القضايا يعتقد تدريجيا بأن هذا الاهتمام كله يجب أن يختص به وحسب. فإذا ولد طفل ثان في الأسرة عند ذاك تبدأ المشكلة الكبيرة. لأن الطفل الأكبر يجب أن لا يوافق على توزيع الحب والحنان بينه وبين أخيه فقط، بل يجب أن يوطن نفسه أيضا لتطرق شيء من الإهمال والغفلة ونحوه... وهذا بلا ريب امر لا يطاق بالنسبة له. إذا أصيب هؤلاء الأطفال المنكسرون بمرض فإنهم يحاولون أن يستأثروا بعناية الوالدين وعطفهما وحنانهما، وقد يتذرعون لذلك برسم خطط وتدبير حيل من شأنها أن تؤدي إلى المطلوب... وبهذه الصورة نجد أن الطفل الذي كان عاقلا واعتياديا لذلك الحين ينقلب مشاغبا وفوضويا بمجرد تولد الطفل الثاني، وتظهر منه آلاف الأعمال التي ظاهرها الحماقة والبلادة إلى درجة أنها تبعث الوالدين على الاستغراب والحيرة» (1).
الانهيار الخلقي:
تصل المآسي والمشاكل الاجتماعية التي يلاقيها الأطفال المدللون والمعجبون بأنفسهم قمتها عندما يتركون دور الطفولة ويدخلون في المجتمع حقيقة... إنهم يكشفون بأعمالهم البذيئة وسلوكهم الأهوج عن مستوى إنهيارهم الخلقي، ويظهر عدم كفاءتهم وجدارتهم لتحمل أعباء الحياة من خلال التجارب التي يمرون بها.
إن الشخص الذي نشأ على الدل يواجه مشكلتين عظيمتين:
الأولى: إنه يتوقع من أفراد المجتمع رجالا ونساء أن يحترموه كما كان