إن الطامة الكبرى هي عندما يجلس إنسان جاهل كهذا على كرسي التدريس ويتصدى لتعليم غيره. فلكي يحافظ على شخصيته في قبال تلاميذه ولا يحتقر من قبلهم، فإنه إما أن يلتزم التكبر والشدة إلى درجة لا يجزأ معها التلاميذ على مصارحته بجهله ونقصه، أو يتواضع إلى درجة يتغافلون معها عن عدم جدارته وكفاءته.
إن هذا النوع من التواضع لا يمكن أن يعد من الفضائل. بل إنه نوع من الذلة منشأه حقارة الشخص وخوفه من انفضاح أمره.. إنه كان يحاول أن يظهر بمظهر العلماء مع فقدانه اللثروة العلمية، وبالرغم من عدم كفاءته فقد أشغل كرسي التدريس، لذلك فقد رضي بهذا الذل.
عن الإمام الصادق عليه السلام: «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قلت: بما يذل نفسه؟ قال: يدخل في ما يتعذر منه» (1).
وعنه عليه السلام: «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قيل له: وكيف يذل نفسه؟
قال: يتعرض لما لا يطيق» (2).
وعن الإمام الباقر عليه السلام: «بئس العبد عبد له رغبة تذله» (3).
إن شخصا كهذا لو يعرف قيمته الواقعية ويقف عندها، لا يساوم عزته وشرفه ولا يستسلم للذل والهوان بالتملق والتواضع الشديد.
4 - الإجرام:
الإجرام عامل آخر من عوامل الحقارة والضعة. إن الشخص الخارج على القانون يشكو من ضغط الوجدان وتأنيب الضمير دوما ويرى نفسه حقيرا. إنه يدفن جرائمه في ضميره المستتر ويتناسى الصور المخجلة لأعماله البشعة، لكن الوجدان الأخلاقي لا يتركه لوحده بل يظل يكيل له اللوم والتأنيب باستمرار...