إن مسألة الاستجابة للغريزة الجنسية وكيفية إرضاء الميول المتعلقة بها من أهم المسائل العلمية والدينية. لقد أدلى علماء البشرية على مر القرون الطويلة، نظريات مختلفة حول هذا الموضوع، وقد ارتطم بعضهم بمشكلة الافراط أو التفريط في أفكاره. تتميز الأمم والشعوب في اعالم بأساليب خاصة في الاستجابة للغريزة الجنسية، وتختص بعدات مختلفة في ذلك. أما في العصر الحديث فقد اتخذ الميل الجنسي لونا جديدا، وحصل على أهمية أكبر من السابق. إن الطبقة الواعية تعتبر هذه المسألة من مسائل العلوم الحياتية، والاجتماعية، والنفسية، والطب النفسي، والتربية والتعليم وتجري البحوث العميقة حولها.
... وللإسلام نظرته الخاصة في هذه الغريزة القوية، منهجه الفريد في الاستجابة لها ، وقد استوعب ذلك عشرات التعليمات والوصايا المهمة في كيفية الإتزان في إرضاء الميل الجنسي، والوصول إلى الأسلوب الأمثل الذي يجنب صاحبه الانحراف.
إن البحث التفصيلي الكامل في هذا الموضوع يحتاج إلى وقت طويل ويستغرق عدة محاضرات ، ولما كان يحتل مكانة سامية في تربية الطفل من الناحيتين: الدينية والعلمية، فسنخصص محاضرتنا هذه بذلك، متطرقين إلى أمهات القضايا بصورة مضغوطة.
الغرائز والحرية المطلقة:
يعترف جميع العلماء من مختلف الأمم والشعوب بضرورة تعديل الميول والغرائز لضمان النظام الاجتماعي واستمراره على أسس من التعاون والانسجام ويؤمنون بأن استجابة كل فرد لميوله ورغباته يجب أن تكون محدودة وتابعة لمقياس صحيح.
هناك تضاد حتمي بين الميول النفسانية والمصالح الاجتماعية في كثير من الأحيان، ولا طريق لاستمرار المدنية وحفظ النظام الاجتماعي بغير التخلي عن الميول اللا مشروعة. إن الإنسان مضطر إلى التخلي عن فكرة الحرية