مسبب الأسباب. إن أصحاب هذه العقيدة لا يخسرون المعركة أمام مشاكل الحياة أبدا، ولا يعرف اليأس طريقا إلى أرواحهم. هؤلاء يملكون بالاستناد إلى القدرة الإلهية العظيمة أرواحا مطمئنة، وعزما ثابتا، وإرادة حديدية.
طاقة الإنسان المحدودة:
يهد علماء النفس المعاصرون إلى أن ينشئوا أفرادا مستقلين ومعتمدين على أنفسهم، ويمنعوا من نشوئهم طفيليين. لا شك في أن تربية كهذه قيمة جدا، وتستحق الاكبار والتقدير، كما تظهر آثارها النيرة طيلة أيام الحياة بصورة تدريجية، ولكن يجب أن لا ننسى أن الطاقة الجسدية والروحية للإنسان محدودة، ولذلك فإن درجة اطمئنانه ونشاطه ستكون محدودة أيضا.
إن من كان محروما من الإيمان بالله، وكانت تربيته مطابقة للأساليب العلمية المحضة ، فنشأ معتمدا على نفسه... فهو رجل العمل والنشاط ما لم يصل في حياته إلى مأزق حرج... أما عندما يصطدم بمشاكل تستعصي على الحل، وتغلق جميع الأبواب والرق الطبيعية بوجهه، يشعر باليأس والفشل، ويشل نشاطه، عندئذ يعجز الاعتماد على النفس من تهدئة خاطره والتخفيف من اضطرابه، وبعث الأمل في نفسه.
أما المؤمنون بخالق الكون، والذين يستندون إلى قدرة العظيمة بالإضافة إلى الاستقلال الروحي الذي يملكونه، والاعتماد على النفس الذي يتميزون به، فإنهم لا يصابون باليأس والقنوط أبدا... إنهم يذكرون الله تعالى في الأحوال الاعتيادية، ويستغلون جميع الوسائل والعوامل التي أوجدها خالق الكون في هذا العالم لتحقيق غاياتهم النبيلة وأهدافهم السامية. إنهم لا يتركون أبسط الفرص المؤدية إلى السعادة تذهب عبثا، وعندما يقعون في مأزق حرج لا يفقدون الأمل والتطامن، لأنهم لم يحصروا أرواحهم في دائرة العلل الطبيعية فقط، ولم يغفلوا عن القدرة الإلهية العظيمة التي هي فوق جميع القوى والطاقات لحظة واحدة. إنهم يستمدون العون من عناية الله في أشد الظروف وأحرج المواقف، ولا يطفأ له الأمل في أرواحهم أبدا... إن