روحه بأنه يفتقد شيئا. إنه يثبت عينيه نحو باب الغرفة عسى ينال ما يريد. إن ما يريد ليس مما يتعلق بالدواء أو الغذاء أو ضبط الأساليب العلمية المتبعة معه، بل إنه يفكر في إرضاء عواطفه إنه ظمآن إلى العطف والحنان، إنه يتوقع أن يعوده شخص، أن يجلب له باقة زهور، أن يصافحه على جانب سرير المستشفى ويبتسم له، ويذهب عنه ما به من انكماش.
عندما يحف به عدة أشخاص من أصدقائه الخلص، ويسألون عن حاله، يستأنس بهم ويرتاح كثيرا، تنفتح أساريره، ويستعيد نشاطه، ويحس بالحياة تدب في عروقه من جديد...
هذا الارتياح، والفرح، والاستيناس يساعد في أمر شفائه كثيرا.
إن علم الجراحة قاس وشديد في حين أن العيادة تطفح بالمحبة والدفء. إن العلم الباهت والقاسي للجراح ومباضعه وأدويته، أساس علاج المريض، ولكن يجب أن يساير كل ذلك حنان ومحبة ورعاية حتى يستطيع العلم والمشاعر أن يسيرا جنبا إلى جنب لإرضاء عواطف المريض.
قيمة الطبيب:
لم تهمل تعاليم الإسلام القيمة أهمية علم الطب واستشارة الطبيب التي هي الأساس في شفاء المريض، كما لم تغفل شأن عيادة المرضى التي هي العامل الأهم لإرضاء عواطفهم.
وقد وردت نصوص كثيرة بشأن كل من الموضوعين. أما بالنسبة إلى أهمية الطبيب ودوره في بناء الكيان الاجتماعي فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «لا يستغني أهل كل بلد عن ثلاثة يفزع إليه في أمر دنياهم وآخرتهم، فإن عدموا ذلك كانوا همجا: فقيه عالم ورع، وأمير خير مطاع، وطبيب بصير ثقة» (1).
في هذا الحديث نجد أن الإمام عليه السلام يعتبر الطبيب الحاذق أحد أركان المدنية، وثالثة الأثافي بالنسبة إلى الحياة الانسانية.