إن خشية استنكار الرأي العام، وخوف اللوم من الناس من أعظم العوامل الباعثة على رعاية القوانين للعالم المتحضر. ما أكثر القادة المتنفذين والأثرياء الماديين، والشبان والفتيات المستهترين، الذين يرغبون في تنفيذ رغباتهم وأهوائهم اللامشروعة ، ولكنهم يخافون اعتراض الناس، ويخشون استنكار الرأي العام يضطرون للتراجع عن تحقيق ميولهم، وكبح أهوائهم والانقياد ليكونوا بمنجى عن اللوم والتفريع.
وقع الاستنكار:
لا شك في أن وقع استنكار الرأي العام في بعض الأحيان يكون أشد من عفوية السجن والسوط بكثير. ومن البديهي أنه عندئذ يكون تأثير الحياء في ضمان تطبيق القوانين أقوى من تأثير القرارات الجزائية.
إن الرجل الذي سجن بسبب ارتكابه جريمة السرقة يتألم من محاكمته ولكن إذا افتضح أمره وعرف في المجتمع بالخيانة والسرقة فإن تألمه فان تألمه يكون أكثر. والمرأة التي ترتكب عملا منافيا للعفة والشرف تتوطن لأن تسجن لمدة ستة أشهر، ولا ترضى بأن تعرف بين الناس بالاستهتار والزنا ستة أيام. وطبيعي أنه كلما كان المستوى التربوي والثقافي للأمة عاليا كان نفورها واستياؤها من الأعمال المنكرة أشد.
هذا النوع من الحياء الذي يضمن تطبيق القوانين، ويمنع الأفراد من الانحراف الاعتداء، من الصفات المحبذة والفاضلة بلا شك. وهو ممدوح في الإسلام وقد وردت أحاديث كثيرة تؤكد عليه.
وها أقرأ عليكم نموذجا منا: - 1 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إذا لم تستح فافعل ما شئت» (1) أي أن الأفراد الفاقدين للحياء لا يتورعون عن الاجرام والاعتداء على حقوق الآخرين.