ثروة لا بأس بها نتيجة لجهوده ونشاطه. وفي بعض الأيام أصيب الإمام عليه السلام بضائقة مالية شديدة، فطلب من مولاه الذي أعتقه يقرضه مبلغا قدره عشرة آلاف درهم يدفعه إليه عند الاستطاعة فطلب من الإمام سندا أو وثيقة. مد الإمام يده إلى طرف رداءه واستخرج هدبة (خيطا) منه، وقال له: خذ فهذه وثيقتي عندك إلى أن أرد إليك مالك. لقد ثقل على المقرض أن يوافق على وثيقة كهذه ولكنه للنظر إلى شخصية الإمام عليه السلام سلم إليه المال وأخذ الهدبة ووضعها في علبة صغيرة. ثم صادف أن الإمام تيسرت أموره بعد فترة قصيرة فرد المبلغ إلى صاحبه... «ثم قال له: قد أحضرت مالك فهات وثيقتي.
فقال له: جعلت فداك ضيعتها. قال: إذا لا تأخذ مالك مني، ليس مثلي يستخف بذمته.
قال: فأخرج الرجل الحق فإذا فيه الهدبة، فأعطاه علي بن الحسين عليه السلام الدراهم، وأخذ الهدبة فرمى بها وانصرف (1)».
إن خيطا من رداء لا قيمة له، ولكن عندما يكون الخيط رمزا لتعهد صادر من شخص شريف فان قيمته ترتفع إلى أن يصبح وثيقة لدين عن عشرات الآلاف من الدراهم والدنانير ، ويتقبله الدائن بكل ثقة واطمئنان.
إن الوفاء بالعهد من صفات الله عز وجل. فالله يصرح بذلك في القرآن الكريم: (إن الله لا يخلف الميعاد) (2). والإنسان الذي لا يخلف وعده يكون متصفا بإحدى الصفات الإلهية، وهذا هو علامة لمرتبة من مراتب الكمال والفضيلة.
المتهم البرىء:
ظهر بعد واقعة صفين حزب جديد باسم الخوارج، ضم رجالا متهورين وجهلاء بحقيقة العلم والدين، قاموا بجرائم عظيمة طوال سنين طويلة. ولقد قامت السلطات الزمنية بمكافحة هذا الحزب بصور مختلفة. وفي زمن الحجاج الثقفي اتهم جماعة بالانتماء إلى هذا الحزب فأحضروا إلى مجلس