وبعبارة أوضح فإن الكذب - سواء كان قليلا أم كثيرا - يعد معصية عظيمة، ولكن هناك فرق عظيم بين من تصدر منه كذبة أو عدة كذبات على أثر الغفلة أو بعض الظروف الحرجة في الحياة، وبين من بين كيانه على أساس الكذب والخديعة ونشأ (كذابا). إن الخطر العظيم والداء الوبيل يتوجه نحو الصنف الثاني، إن هدف التربية الصحيحة هو أن لا ينشأ الأطفال وأن لا يضرب هذا الداء الفتاك بجذوره في أرواحهم.
هذا المسألة التربوية والنفسية تعرضت لها الروايات والأحاديث الإسلامية ويهتم لها العلماء المعاصرون أيضا، ولمزيد الاطلاع نعرض على المستمعين الكرام نماذج من كلا الصنفين.
1 - «قال ابن مسعود: قال النبي صلى الله عليه وآله: «لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذبا» (1).
2 - عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: «قلت لأبي عبد الله (ع): الكذاب هو الذي يكذب في الشيء قال: لا، ما من أحد إلا أن يكون ذلك منه، ولكن المطبوع على الكذب » (2).
3 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن العبد ليكذب حتى يكتب من الكذابين» (3).
الكاذب والكذاب:
يستفاد من هذه الأحاديث الثلاثة أن هناك فرقا بين الكاذب والكذاب. الكاذب هو الذي تصدر منه كذبة أو كذبات على أثر الغفلة أو الحوادث المختلفة، وجميع الناس قد يصدر منهم ذلك. أما الكذاب فهو تركز الكذب في مخه، ونفذ هذا الداء الفتاك إلى أعماقه.