الإتكال على الأمل:
من المناسب أن أنبه المستمعين الكرام، والشباب منهم بالخصوص إلى مسألة ضرورية، وهي أن المراد من الاعتماد على النفس أن يستند كل فرد في طريق الوصول إلى سعادته على علمه وأخلاقه الفاضلة وجهوده، لا على آماله الفارغة، وأمنياته غير الناضجة.
وبعبارة أوضح فإن آمال كل شخص ناشئة من حالاته النفسية الخاصة به، ولكن ليس المراد من الاعتماد على النفس، الإتكال على هذه الآمال النفسية الواهية. إن الذين يعمرون قلوبهم بالآمال فقط، ويتعهدون ضمائرهم بالأماني الطوال بدلا من أن يعمروها بالعلم والفضائل، ويتعهدوها بالجد والعمل...
افراد حقراء تافهون، ويستحيل عليهم أن يحصلوا على السعادة والكمال.
عن علي عليه السلام: «إياك والإتكال على المنى، فإنها بضائع النوكى» (1).
وعنه عليه السلام أيضا: «العاقل يعتمد على عمله، والجاهل يعتمد على أمله» (2).
* * * عندما نتصفح التاريخ الإسلامي نجد أن الأسر التي طبقت تعاليم الإسلام في أسلوب تربية الطفل، والتزمت بأفضل النصائح الواردة من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في هذا الصدد، توصلت إلى نتائج لامعة حيث أثبت الأولاد من الجدارة ما يؤيد ذلك.
وعلى سبيل المثال نستعرض قضيتين تاريخيتين لطيفتين: - 1 - الطفلة الجريئة:
غضب عبد الملك بن مروان على عباد بن أسلم البكري يوما، فكتب إلى واليه على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي بأن يقتله ويبعث برأسه إلى الشام. فأرسل الحجاج إلى عباد يطلب حضوره لتنفيذ أمر عبد الملك بشأنه.