«ان الذي ينزوي عن أقاربه وأقرانه يعبر عن العذاب الذي يعيشه من حس الحقارة التي درج عليها منذ الصغر ولهذا فإن كل خاطرة أو حادثة تضعف عزة النفس والغرور الذاتي عند الشخص تعتبر - حسب الأسس النفسية - عاملا لاتساع عقدة الحقارة، عاملا لجعله في عداد الأفراد القلقين وضعاف النفوس في المجتمع» (1).
انتقام الطفل:
والأثر الآخر من الآثار السيئة للاختلاف في معاملة الأطفال بالحب والحنان، إثارة الحسد وحب الانتقام في نفوس الأطفال المهملين تجاه الطفل المستأثر بحنان الوالدين دونهم. هؤلاء الأطفال الذين نالوا حظا أدنى من عواطف الوالدين يتأملون، ويجدون أن العامل الوحيد لحرمانهم هو وجود أخيهم المدلل، فيحسدونه على ذلك الحب، وينظرون اليه بنظر العداوة والحقد... ولأجل أن يثأروا لكرامتهم وينتقموا منه فيجبروا بذلك حرمانهم يحاولون إيذاءه والانتقاص منه في كل فرصة يحصلون عليها. في بعض الأحيان يكون تأثير اختصاص الوالدين أحد أولادهما بالعطف والمحبة في زرع بذور الحقد والحسد في نفوس الآخرين شديدا إلى درجة تحملهم على التفكير في انتقام مخطط ومدبر، والقيام باعمال خطيرة لا تجبر، ولا شك أن المنشأ النفسي لهذه الجرائم يمكن معرفته في تفريق الوالدين بين أطفالها في نسبة الحب والحنان.
وقد يمتاز أحد الأطفال في الأسرة بجمال مفرط وخصائص فطرية ومنح إلهية أكثر من الباقين... في هذه الحالة مهما حاول الوالدان مراعاة العدالة والمساواة بينهم، فإن ذلك الطفل لا يسلم من حسد الآخرين، لأنهم بمشاهدتهم للا متيازات الظاهرية والنفسية التي يختص بها أخوهم يحسون بالحقارة والنقص في أنفسهم... يشعرون بأنهم دونه في المستوى والمنزلة... ولذلك فهم يحاولون إيذاءه والانتقام منه.