وتتمثل المخالفات بصورة إضبارات مدنية وجنائية وهكذا تستنزف الطاقات الإنسانية والمالية ويضطر المتنازعون إلى الرجوع إلى الوسائل التنفيذية من حجز وسجن وما شاكل ذلك.
يذكر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر في العهد الذي بعث به اليه أن احذر نقض العهود ويقول في علة ذلك: «والخلف يوجب المقت عند الله والناس» (1).
مما لا شك فيه أن نقض العهد يحطم شخصية الإنسان. ومهما كان الشخص الناقض للعهد عظيما في المجتمع ويمتاز باحترام الناس له وتقديرهم إياه فإنه ينحط في أعين الناس على أثر نقضه للعهد. كل فرد يدرك بصورة طبيعية أن الشخص الناقض للعهد يرتكب عملا قبيحا... الفقير والغني، الكبير والصغير، كل الناس يرون أن لهم أن يلوموا الشخص الذي لا يلتزم بعهوده، وهذا يدلنا على أن الإنسان يدرك ضرورة الوفاء بالعهد بفطرته، ويرى أن التخلف عنه تخلف عن قانون الفطرة.
تنمية الوفاء بالعهد عند الطفل:
لأجل أن يحيا الوفاء بالعهد في المجتمع، وتلتزم جميع الطبقات بهذا الواجب الإنساني، يجب أن تبذر بذور هذه الخصلة الحميدة في نفوس الأطفال من أولى أدوار الطفولة، ومن حين إدراكهم لمعنى (العهد). يجب أن يتلقوا هذا الدرس القيم نظريا وعمليا حتى يستقر في نفوسهم بصورة ملكه ثابتة مستقرة. يجب أن يربى الأطفال بصورة يجدون معها الوفاء بالعهد من واجباتهم القطعية والضرورية، فلا ينقضون عهودهم وحسب بل لا يسمحون لهذه الفكرة الفاسدة أن تمر بخواطرهم، وهذه التربية لا تحصل إلا في المحيط الطاهر والسليم الذي أعد للطفل. المحيط الذي لا يعرف نقض العهد والخداع. إن الطفل يتخذ من كل كلام يسمعه أو عمل يشاهده، صالحا كان أو فاسدا، قدوة له يجري عليها في حياته، وفي محيط الأسرة يخضع قبل كل شيء لسلوك