هناك تضاد لا مفر منه في وجود الطفل، فمن جهة يفقد الاطمئنان إلى نفسه لما يشعر به من الضعف والذلة، ولذلك فهو يحتاج دائما إلى من يملك القدرة على تحقيق ما يريد، ويحب أن يكون في حمايته وكنفه، وهذا الأمر يضطره إلى التسليم لأوامر صاحب القدرة دائما.. ومن جهة أخرى فإنه يميل بفطرته إلى التفوق والحصول على القدرة، يجب أن يصبح مستقلا، وأن يعتمد على نفسه، ويتخلص من الذلة والحقارة ، وهذا لا يتحقق إلا في ظل القوة والقدرة.
التكامل التدريجي:
إن التكامل الطبيعي للطفل ورشده يمنحانه القوة بصورة تدريجية. ذلك أن الميل نحو الاستقلال يدفع الطفل إلى استغلال القوى المكتسبة، وبالتدريج يصبح الميل الفطري نحو الاستقلال والتفوق فعليا فيخلص الطفل من كونه عالة على غيره وطفيليا، وينجو به بهذه الصورة من الشعور بالحقارة وكلما ازدادت قوة الطفل كان قد خطأ خطوة في طريق الاستقلال، وفتت قيدا من قيود الاعتماد على الغير.
لا توجد للطفل لذة أعلى من لذة الإحساس بالقوة والحصول على الاستقلال، فكلما حصل على قوة ووجد أنه استطاع القيام بعمل ما لوحده كان ذلك مبعث سرور وارتياح في نفسه.
عندما تتفتح أصابعه ويستطيع أن يمسك شيئا بيده يفرح كثيرا... وعندما يحرك بيده الصغيرتين (خرخاشته) فينبعث الصوت منها يضحك من دون اختيار، وتظهر أمارات الفرح والسرور على عينيه ووجهه:
يقول برتراند رسل: «عندما يستطيع الطفل أن يثبت عينيه نحو الأشياء فإنه يلتذ كثيرا من مشاهدة الأشياء المتحركة، والذرات المتقلبة عند هبوب الرياح.
في هذه المرحلة بالذات يفرح الطفل للأصوات الرتيبة والجديدة».
«تعتبر حركة الأصابع في بداية الأمر من الأفعال الإنعكاسية فقط.