تدارك الفشل:
يحاول الطفل الذي وقع موقع السخرية والإهمال أن يتدارك الفشل الذي لاقاه، فيظهر شخصيته مستغلا فرصة وجود الضيوف فيثأر لكرامته. عندما تكون الأم خائضة في حديث مع الضيوف دون اعتناء إلى الطفل، فإنه يشاغب، يحطم الأبواب، يكسر النوافذ، يصبح ويبكي، يتكلم بعبارات تافهة لا معنى لها... كل ذلك لكي يحول دون سماع الضيوف لكلام أمه، ويقطع حديثهم. إنه يريد جلب انتباه الآخرين إلى نفسه بهذه الأعمال، إنه مسرور لقدرته على كشف شخصيته، ويتلذذ كثيرا على نجاحه.
كذلك الكبار فإنهم يقدمون على هذه الأفعال الصبيانية في بعض الأحيان لغرض الانتقام. كثيرا ما يصادف أن شابا يتعلق قلبه بحب فتاة ويخطبها من أهلها، لكن الفتاة لا تراه كفوا لها لجهات عديدة فتحتقره برد خطبته. يفكر الشاب الفاشل في تدارك الحقارة، ويعمد إلى الانتقام والثأر لكرامته. قد يقوم بعضهم ليلة زفاف الفتاة بإحداث ضجيج وصخب، أو يحطم المصابيح ويكسر النوافذ، أو يقوم بأعمال تخريبية أخرى بغية تبرير فشله وإرضاء ضميره المندحر.
هذا السلوك يشابه تماما سلوك الكفار المندحرين في صدر الإسلام، إذ قاموا بأعمال صبيانية تافهة بغية الانتقام من الرسول الأعظم (ص)، ليتداركوا بذلك حقارتهم الباطنية، فكانوا يثيرون الشغب واللغط عند قراءة النبي القرآن.
(وقال الذين كفروا: لا تسمعوا لهذا القرآن، والغوا فيه لعلكم تغلبون) لقد كانت قراءه القرآن من أعظم الوسائل لنشر الدعوة الإسلامية. فندما كان ينتشر اللحن البديع للنبي صلى الله عليه وآله عند قراءة القرآن في الفضاء، كان الناس يستمعون بكل رغبة وشوق إلى ذلك الصوت العذب، وكانت تبهرهم ألفاظ ذلك الكتاب السماوي ومعانيه.
أما الكفار الذين كان يتألمون من تقدم الإسلام وكان ذلك يبعث الحقارة والذلة في نفوسهم فإنهم كانوا يوصون