الحكومة وإقامة الحق:
إن الطاقة العظيمة التي دفعت عليا عليه السلام منذ الصغر نحو أعلى مدارج الكمال الانساني هي إيمانه بالله، فقد كان تحقيق مرضاة الله والانقياد لأوامره الهدف المائل نصب عينيه، وكان يوجه حركاته وسكناته طبقا لذلك الهدف المقدس. لقد خضعت جميع مشاعر الإمام أمير المؤمنين (ع) لإطار الإيمان... وعليه فقد كان يقيم وزنا للمال والجاه، والعاطفة، والحياة، ولكل شيء في حدود مرضاة الله.
وعندما جلس على كرسي الخلافة وأصبح الحاكم الأعلى للأمة لم يكن يهدف إلى المقام والجاه أو ضمان الغذاء واللباس والمسكين والمركب الفاخر لنفسه، بل كان هدفه الأول والأخير تحقيق مرضاة الله وإحقاق الحق وإقامة العدالة بين الناس.
«قال عبد الله بن عباس: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله. فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟ فقلت: لا قيمة له: فقال عليه السلام: والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا» (1).
التألم من الظلم:
لقد كان علي عليه السلام يبدي ثباتا منقطع النظير أمام الحوادث والمشاكل الجمة التي كانت تواجه، وكان يظهر من الجلد والصبر تجاه الآلام ما يفوق الوصف، لكنه كان يتألم من تجاوز الغاصبين واعتداء المعتدين، ويتأثر كثيرا لأنين المظلومين. فعندما بلغه نبأ غارة جنود معاوية على الأنبار، وقتل والي الإمام عليها (حسان بن حسان البكري)، ونهب حلي النساء، هتك أعراضهن سواء منهن المسلمات والمعاهدات... تألم لذلك كثيرا وخطب في قومه