فإن الكذبة الصادرة منه أمام عيني الطفل النافذتين، وأذنيه الواعيتين لا يمكن أن تعد ذنبا واحدا. ففي هذه الصورة يكون ذنب آخر غير ذنب الكذب قد ارتكب... ذلك هو ذنب التعويد على الكذب وهذا أعظم بكثير من الذنب الأول.
داء الكذب:
ان الأطفال أمانة الله عز وجل في أعناق الوالدين، فهما إن قصرا في أداء واجبهما نحوهم كانا خائنين للأمانة. إن ما لا شك فيه هو أن الكذب أحد الأمراض الاجتماعية الكبيرة، ومن المؤسف أن أغلب الناس مصابون بهذا الداء الفتاك إن قليلا أو كثيرا.
هذا الخلق الذميم يوجب شقاء الدنيا وعذاب الآخرة. إن جميع الصفات الذميمة تعد أمراضا نفسية من وجهة نظر العلم والدين، ولكن الكذب أشدها. ففي وصية أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن: «وعلة الكذب أقبح علة» (1).
إن الكذب يزلزل الكيان الخلقي والاقتصادي والقانوني في المجتمع. لأن الشخص الكاذب يجعل الناس يسيء بعضهم الظن إلى الآخر، ويسلب الاعتماد منهم. إن الكذب يحرق جذور الفضيلة ويميت الروح الإنسانية.
«عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أبي حدثني عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أقل الناس مروءة من كان كاذبا» (2).
يتصور البعض أحيانا أن الكذب هو الوسيلة الوحيدة للنجاح، في حين أن النبي (ص) يفند هذا التصور ويعتبر هذا النوع من النجاح المزعوم فشلا واخفاقا. فقد قال صلى الله عليه وآله: «إجتنبوا الكذب وان رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة» (3).
وفي حديث آخر يقول الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لهشام: «يا هشام