إن دافع علي عليه السلام لهذه المؤاساة هو الإيمان بالله. لقد سيطر الحب الإلهي على جميع جوانحه وجوارحه، فيؤمن بمحمد (ص) ويعتنق الدين الذي بشر به، ويدافع عن ذلك الدين دفاعا مستميتا... في ذلك الظرف الحاسم والجو الخطر تتجه الأخطار والمشاكل المتوالية نحو النبي وتهدده فينبري علي للدفاع عنه مستخدما جميع قواه وطاقاته. وكلما كثر المسلمون وزاد عددهم، وأقبلوا على اعتناق دين الله زرافات ووحدانا، ازداد حنق المشركين وعداءهم، ومضوا في التصميم لدحر الدين الجديد وقتل النبي المبشر به أكثر. فيضطر الرسول الأعظم (ص) للهجرة إلى المدينة، فيهاجر علي أيضا، يلازم النبي في مشاكله قبل الهجرة وفي غزواته بعدها، مدافعا عن دين الله ، ومدافعا عن رسوله العظيم... ثم هو يقول: «والله ما زلت أضرب بسيفي صبيا حتى صرت شيخا» (1).
شجاعة علي:
لقد كانت تضحيات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تسير جنبا إلى جنب مع شجاعته وشهامته، وتبرهن على ثباته واستقامته حتى قال: «ما ضعفت ولا جبنت» (2).
إن من ينشأ على الإيمان والاستقامة، ويستند في جميع أموره إلى القدرة الإلهية اللامتناهية لا يخاف أبدا ولا يجبن في موقف مهما كان حرجا.
لقد شهدت أيام خلافة الإمام عليه السلام في الكوفة موجة من الاضطربات والفتن، وفي بعض الأحيان كان يصمم الحزب المجرم المتمثل في (الخوارج) في وضع خطة لاغتيال الإمام، ومع ذلك فقد كان يخرج في أواخر الليل إلى نقطة هادئة من المدينة ويناجي ربه. وكان يخرج (قنبر) الخادم الوفي وراءه حاملا سيفه مختفيا عن أنظار الإمام.
وفي إحدى الليالي نظر علي عليه السلام إلى خلفه فرأى قنبر...