نموذج للتكبر:
بالرغم من أن النبي صلى الله عليه وآله بذل جهدا كبيرا في سبيل إنقاذ تلك الأمة المتخلفة والمتكبرة، واستطاع من حل كثير من العقد النفسية بفضل تعاليمه القيمة، ولكن التكبر كان ضاريا بجذوره في قلوبهم طيلة قرون عديدة إلى درجة أنه ظل بعض الأفراد مصابين بهذه الصفة الذميمة، بحيث كانوا لا يقيمون وزنا لغيرهم أصلا كأنهم ليسوا بشرا، ولا يجمعهم أب واحد.
وعلى سبيل الشاهد أذكر لكم نموذجا تاريخيا طريفا:
توجه علقمة بن وائل إلى المدينة المنورة للقاء النبي صلى الله عليه وآله فتشرف بحضرته وعرض عليه حاجته. ثم قصد الذهاب إلى دار أحد كبار الأنصار في المدينة ولكنه لم يكن يعرف الدار. كان معاوية بن أبي سفيان حاضرا في المجلس فأمره النبي (ص) بإرشاد علقمة إلى دار الأنصاري. يقول معاوية:
خرجت بصحبة علقمة من عند النبي، فركب ناقته وأخذت أسير على قدمي الحافيتين في شدة الحر.
فقلت له في أثناء الطريق: لقد احترقت قدماي من شدة الحر فأردني خلفك.
فقال علقمة: إنك لا تليق بأن تركب ردف السلاطين والعظماء.
فقال له معاوية: أنا ابن أبي سفيان.
فقال له معاوية: إذا كنت لا تسمح لي بالركوب خلفك، فانزع خفيك لألبسهما وأتقي وهج الأرض.
قال عقلمة: إن خفي أكبر من قدميك... ولكن أسمح لك بالسير في ظل ناقتي، وإن في هذا تسامحا كبيرا مني تجاهك، وهو في نفس الوقت مدعاة للفخر والاعتزاز لك، أي أنك تستطيع أن تتباهى أمام الناس بأنك سرت في ظل ناقتي (1).